هناك من كبار التابعين لكن اعتبر العلماء قراءاتهم من القراءات الشاذة مثل الحسن البصري، ولذلك فيه نقد في مسألة القراءة في تخير وتخيير، ولا نظن أن القراءات الشاذة الأربعة كل أفرادها مردودة، معظم ما فيها من أحرف صحيحة، لكن يكون قد خالف واحد بوجه من الوجوه.
وأيضا إذا قلنا هذه قراءة شاذة أننا نلمز صاحبها، الشاذ عند العلماء هو ما خالف فيه الثقة الثقات.
~ تنبيه للاصطلاحات ~
إذا قلنا:
قارىء: فهو أحد القراء السبعة ورد عنه ونقل لنا قراءته، ولذلك سنتعرف عن منهج الإمام الشاطبي -رحمه الله- أنه غالبا عندما يتكلم عن القراءة سيتكلم عنها من خلال أحد الراويين إلا إذا اجتمع على أمر واحد فيذكر القارىء.
راوي: فمن أخذ عنه مباشرة.
طريق: الذي أوصلتنا إلى الراوي.
هذان البيتان بدأ بهما الإمام الشاطبي -رحمه الله- بذكر القراء السبعة ورواتهم.
وكما هو معروف أن هذا المنهج عند علماء القراءات أنهم أخذوا القراء وأخذوا عن كل قارىء راويين، وبذلك سيستوعبون من خلال هذين الراويين ما ورد عن الإمام من وجوه الخلاف.
~ تنبيه ~
إن هذا المنهج لا يعني أن هذا القارىء ليس له إلا هذين الراويين، وإنما هما كما قال: (تخيرهم نقادهم).
فأول هؤلاء القراء (طبعا هنا الأولية ليست زمنية، فغيره أسبق منه)، لكن درج العلماء على أن يرتبوا القراء السبعة:
- الإمام نافع.
- الإمام ابن كثير.
- الإمام أبو عمرو البصري.
- الإمام ابن عامر الشامي.
- الإمام عاصم.
- الإمام حمزة.
- الإمام الكسائي.
وهذا الترتيب الذي جاء في كتاب (التيسير) وكتاب (السبعة) لابن مجاهد، وأيضا درج عليه من جاء بعده حتى ابن الجزري مع أنه أتى بالعشرة.
(25)
فَأَمَّا الْكَرِيمُ السِّرِّ في الطيِّبِ نَافِعٌ ... فَذَاكَ الَّذِي اخْتَارَ الْمَدينَةَ مَنْزِلاَ
الْكَرِيمُ السِّرّ: هذا الثناء العظيم، أي سره عظيم كريم وكيف لا وقد حوى القرآن الكريم.
ِفي الطيِّبِ: هذه إشارة من إشارات الإمام الشاطبي -رحمه الله- أنه كأنما يمس من طيب، قال العلماء: ((أنه لما كان يقرأ الإمام نافع كان يشم من فمه رائحة الطيب، فلما سألوه: أنت عندما تأتي إلى مجلس القرآن تتطيب؟ قال: ما أمس من طيب، ولكني رأيت في المنام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في فِيَّ القرآن، فمنذ ذلك الحين أشم هذه الرائحة)).
فبلا شك أن حامل القرآن جمع في فيه وفي جوفه ما هو أعظم من السمك ومن كل شيء في هذه الدنيا.
نَافِعٌ: نافع هو القارىء الأول.
اسمه: نافع ابن عبد الرحمن بن أبي نعيم، ويُكنى بأبي رُويم، وكما قال العلماء هو من أهل أصفهان، ولذلك كان أسود اللون.
وكان من أكثر العلماء عصره علما بالقراءات واللغة العربية.
فَذَاكَ الَّذِي اخْتَارَ الْمَدينَةَ مَنْزِلاَ: كان منزله المدينة المنورة، وبلا شك أن علمائنا وسلفنا الصالح كانوا يحرصون على الإقامة في المدينة بخبر النبي صلى الله عليه وسلم: [والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون]، و [إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية على جحرها].
الرواة الذين نقلوا عنه: " قالون ".
(26)
وَقَالُونُ عِيسى ثُمَّ عُثْمانُ وَرْشُهُمْ ... بِصُحْبَتِهِ المَجْدَ الرَّفِيعَ تَأَثَّلاَ
قَالُونُ:
اسمه: عيسى ابن مينا بن وردان، وقالوا قالون هو لقب له لقبه شيخه نافع لجودة صوته، وقالوا قالون في لغة الروم معناه الجيد (وهذا في الأصل يحتاج إلى تحقيق).
عُثْمانُ: وهو ورش.
وهو عثمان بن سعيد بن عبد الله، وكان مصري الأصل، ولقبه شيخه بورش لشدة بياضه، وقالوا لأنه كان يشبه طائر الورشان كان نحيفا دقيق الساقين.
~ تنبيه ~
- عندما نقول " قارىء " فنحن نعني بذلك الإمام أحد الأئمة السبعة.
- وإذا قلنا " راو " هو الذي أخذ عن هؤلاء.
- وهناك " طريق " وهو ما كان منسوبا إلى من أخذ عن الراوي.
والقارىء الثاني هو الإمام عبد الله بن كثير وهو إمام أهل مكة:
(27)
وَمَكَّةُ عَبْدُ اللهِ فِيهَا مُقَامُهُ ... هُوَ اُبْنُ كَثِيرٍ كاثِرُ الْقَوْمِ مُعْتَلاَ
اُبْنُ كَثِيرٍ:
اسمه: عبد الله بن كثير بن المطلب القرشي.
كنيته: أبو معبد.
وهو إمام أهل مكة في القراءة.
¥