تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أو قالوا هنا عبر بالأرض وأرادوا بها أهلها: أي أهل الأرض طابوا به وأحبوا مجلسه ومكانه.

فَتفَتَّقَتْ بِكُلِّ عَبِيرٍ: أي لما نزل هذه الأرض فاحت عبيرا مسكا ورائحة زكية.

حِينَ أَصْبَحَ مُخْضَلاَ: المخضل هنا: الخضل يعني البلل، أي أصبحت هذه الأرض مخضلة مخضرة بحافظ وحامل القرآن ففاحت هذه الروائح الزكية ببركة قرآنه الذي في صدره.

(86)

فَطُوبى لَهُ وَالشَّوْقُ يَبْعَثُ هَمُّهُ ... وَزَنْدُ الْأَسَى يَهْتَاجُ فِي الْقَلْبِ مُشْعِلاَ

فَطُوبى لَهُ وَالشَّوْقُ يَبْعَثُ هَمُّهُ: أي يهنئه، أي من كانت هذه حاله فطوبى، ففيها تهنئة العيش الرغيد الناعم له.

وبعضهم قال طوبى شجرة في الجبة.

فسواء كان هذه أو تلك فهي المنزلة العالية الرفيعة التي تكون له.

من الذي يجعل الإنسان ذا همة؟

إذا كان هدفه الله سبحانه وكان هدفه الجنة سعى إلى هذا الهدف بهمة عالية وقاده الشوق.

وَزَنْدُ الْأَسَى يَهْتَاجُ فِي الْقَلْبِ مُشْعِلاَ:

والزند ذلكم الحجر الذي يوقد الشرارة الأولى.

يعني كأنما يقول يأسى على ما فاته، والتأسف على أي لحظة مرت به دون أن يذكر الله تعالى أو يستزيد من طاعة الله سبحانه، فكأنما اشتعلت نار الشوق والمحبة ونار الإقبال على الله تعالى في قلبه فزادت في همته وسيره إلى الله جل وعلا.

(87)

هُوَ المُجْتَبَى يَغْدُو عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ ... قَرِيباً غَرِيباً مُسْتَمَالاً مُؤَمَّلاَ

هُوَ المُجْتَبَى: أي المختار، أي حامل القرآن اجتباه الله واختاره.

يَغْدُو عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ: الغدوة في الأصل هو الذهاب في أول النهار.

يعني هو عندما يأتي إلى مجالس القوم يأتيهم بصفات أربع:

قَرِيباً غَرِيباً مُسْتَمَالاً مُؤَمَّلاَ:

قريبا: فهو قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة بعيد من النار، بعيد من الشيطان والرذائل.

غَرِيباً: قد يكون في سلوكه غرابة بالنسب لعامة الناس، وفيه دلالة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: [فطوبى للغرباء].

مُسْتَمَالاً: أي يستميله الناس إلى الخير الذي عنده، ويُطلب إليه الميل كأن يقول الإنسان أتمنى صحبته.

مُؤَمَّلاَ: أي يضع الناس فيه آمالهم، ويعلقون عليه لأنه فيه الخير.

(88)

يَعُدُّ جَمِيعَ النَّاسِ مَوْلى لِأَنَّهُمْ ... عَلَى مَا قَضَاهُ اللهُ يُجْرُونَ أَفْعُلاَ

يَعُدُّ جَمِيعَ النَّاسِ مَوْلى:

مَوْلى: من كلمات الأضداد التي يُعرف منها المعنى وضده، قد يكون معناها:

- السيد.

- العبد المملوك.

ويصلح على كل من المعنيين.

يعني إما أن يقول:

- يعد الناس أسيادا وهو أقلهم شأنا وهذا سمة التواضع، وأنه كل الناس خيرا منه.

- يعد الناس مولى أي عبدا لله تعالى.

لِأَنَّهُمْ عَلَى مَا قَضَاهُ اللهُ يُجْرُونَ أَفْعُلاَ: يعني هم مسيرون لأمر الله فليس أحد منهم إلا وهو عبد لله تعالى يسير وفق ما أراد له سبحانه وتعالى، فإذا شعر بهذا الشعور، يكون هذا الشعور قد قاده إلى صفة التوكل.

(89)

يَرَى نَفْسَهُ بِالذَّمِّ أَوْلَى لِأَنَّهَا ... عَلَى المَجْدِ لَمْ تَلْعقْ مِنَ الصَّبْرِ وَالْأَلاَ

يقول بدل أن تذم الناس ذم نفسك لأنك مقصر.

يقول أيها القارىء للقرآن إذا رضينا من الناس أن يكونوا على همة وسط وعلى أمر مقتصد فلا يقبلها إلا منك.

أي دائما يأخذ نفسه بالذم، بتقصيرها لأنها على المجد وعلى بلوغ المجد لم تلعق من الصبر والأذى.

والصبر نوع من النبات مر.

والألا قالوا هو كذلك نبات حسن المظهر ولكنه مر.

فشبه الإنسان طالب العلم:

من كانت له بداية محرقة، كانت له نهاية مشرقة.

فكأنه يقول: يا حافظ القرآن لا تتخايل على الناس وتتكبر عليهم فأنت أيضا مقصر مع القرآن الذي في صدرك.

(90)

وَقَدْ قِيلَ كُنْ كَالْكَلْبِ يُقْصِيهِ أَهْلُهُ ... وَمَا يَأْتَلِى فِي نُصْحِهِمْ مُتَبَذِّلاَ

لا يفهم الناس أن الشاطبي يقصد أن نصير كالكلاب ليس المقصود بذلك.

هنا ذكر وجه الشبه التي يريدها منا.

وَقَدْ قِيلَ: أي أسوق لكم مثلا، كونوا كما يكون ذلك الكلب الذي يقصيه أهله ويبعدونه ويضربونه ومع ذلك:

وَمَا يَأْتَلِى: أي لا يقصر في إسداء النصيحة لهم.

(91)

لَعَلَّ إِلهَ الْعَرْشِ يَا إِخْوَتِي يَقِى جَمَاعَتَنَا كُلَّ المَكاَرِهِ هُوّلاَ

لَعَلَّ: للترجي.

فهو يقول لهم وهذا ختام:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير