إن تمسكنا بما سمعنا، وإن كنتم كما أردت لكم من خلال هذه النصائح لعل إله العرش.
يَا إِخْوَتِي: خطاب لإخوانه الذين يقرؤون هذا المتن ويتربون عليه ويتأدبون بآدابه.
يَقِى جَمَاعَتَنَا كُلَّ المَكاَرِهِ هُوّلاَ: كل ما يكره الإنسان في دنياه من أمور مهولة الله عز وجل يقينا، ويجعلنا ممن يكون كتابه شفيعا له.
(92)
وَيَجْعَلُنَا مِمَّنْ يَكُونُ كِتاَبُهُ شَفِيعاً لَهُمْ إِذْ مَا نَسُوْهُ فَيمْحَلاَ
شفيعا لهم إذا كانوا معه في الحفظ والعمل والالتزام به وعدم المغالاة فيه.
فَيمْحَلاَ: والمحل هو ضد الخصومة.
(93)
وَبِاللهِ حَوْلِى وَاعْتِصَامِي وَقُوَّتِى وَمَاليَ إِلاَّ سِتْرُهُ مُتَجَلِّلاَ
أي لا حول لي عن معصيته، ولا اعتصام لي بقوتي إلا به، وقوتي من الله مستمدة (لا حول ولا قوة إلا بالله).
وَمَاليَ إِلاَّ سِتْرُهُ مُتَجَلِّلاَ: أي أتجلل بستره، أتغطى وأحتمي بستر الله تعالى، وأكون معتمدا وملتجأ إليه ومحتميا به دون سواه.
(94)
فَيَا رَبِّ أَنْتَ اللهُ حَسْبي وَعُدَّنِي عَلَيْكَ اعْتِمَادِي ضَارِعاً مُتَوَكِّلاَ
فَيَا رَبِّ أَنْتَ اللهُ حَسْبي وَعُدَّنِي: حسبي الله ونعم الوكيل، وعدتي التي أعتد بها للأزمات ومفرج الكروب وساتر العيوب غفار الذنوب.
عَلَيْكَ اعْتِمَادِي ضَارِعاً مُتَوَكِّلاَ: كأنه يقول: توكلت على الله واعتصمت به وأنا أشرع ببيان المقصود من هذا القصيد.
وهذا البيت الأخير كأنه يعطينا درس التوكل على الله سبحانه والالتجاء إليه إذ ليس للإنسان قوة إلا بالله تعالى.
نصائح الشيخ:
1 - حفظ الأبيات التي مرت قبل الشروع في بيان الأحكام ونضبطها.
2 - الأبيات التي تأتي تُحفظ تباعا ولا نترك حتى تتراكم الأبيات، وإنما العلم بالتعلم والتدرج.
3 - أن نحرص على ضبط النص، والتأكيد على الضبط الصحيح.
4 - التوكل والاستعانة بالله.
باب الاستعاذة
(95)
إِذَا مَا أَرَدْتَ الدَّهْرَ تَقْرَأُ فَاسْتَعِذْ ... جِهَاراً مِنَ الشَّيْطَانِ بِاللهِ مُسْجَلاَ
بدأ الإمام بالاستعاذة لأنها هي التي يبدأ بها القارىء سواء بإفراد أو جمع، سواء برواية أو أكثر من رواية، كما قال العلماء:
أول القراءة الاستعاذة
الاستعاذة طلب، ودائما الاستفعال فيه طلب، فأطلب العوذ من الشيطان بالله سبحانه.
وقد شرعت الاستعاذة في بداية القراءة، وفي مسألة الوجوب وعدمه العلماء على خلاف، والذي يترجح لدى جمهور العلماء أنها سنة مستحبة.
فَاسْتَعِذْ: مصداقا لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:98] أن يقول:" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ".
ومصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه].
إذًا إذا ما أردت الدهر أيها القارىء، والدهر منصوبة على الظرفية، أي في أي زمان من الأزمنة وأن تشرع بالقراءة فأول القراءة الاستعاذة.
الجهر بالاستعاذة
يجهر القارىء بالاستعاذة إن كان يقرأ جهرا وكان أول القارئين في جماعة وكان خارج الصلاة.
هل هذا على سبيل الوجوب؟
الذي يترجح أنه على سبيل الندب والاستحباب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعنف على من ترك الاستعاذة.
فالأصل في الاستعاذة أنها جهرا.
جِهَاراً: هنا مقحمة، وكما يقولون جملة معترضة، في الأصل:
فاستعذ من الشيطان بالله.
(96)
عَلَى مَا أَتَى في النَّحْلِ يُسْراً وَإِنْ تَزِدْ ... لِرَبِّكَ تَنْزِيهاً فَلَسْتَ مُجَهَّلاَ
في هذا البيت يبين لنا الصيغة التي يستعيذ بها الإنسان.
عَلَى مَا أَتَى في النَّحْلِ يُسْراً: أي في سورة النحل.
وهنا لفتة طيبة من الإمام، وكأنه يميل إلى التنزيه.
يُسْراً: أي أيسر الصيغ ما ورد في سورة النحل أن تقول:
" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ".
وَإِنْ تَزِدْ لِرَبِّكَ تَنْزِيهاً فَلَسْتَ مُجَهَّلاَ: أي إذا أردت أن تزيد ألفاظا من خلالها تنزه الله عن كل نقص كما ورد في بعض الآثار، فالإمام الشاطبي -رحمه الله- ترك لنا المجال مفتوحا.
(97)
وَقَدْ ذَكَرُوا لَفْظَ الرَّسُولِ فَلَمْ يَزِدْ ... وَلَوْ صَحَّ هذَا النَّقْلُ لَمْ يُبْقِ مُجْمَلاَ
¥