تحقيقه.
جاء في الملاحظة الثانية:
"ص 197حاشية 2: قال " عنه " معرفة القراء"
لم أر لكلمة (عنه) وجهاً هنا."
الردّ على ذلك في غاية البساطة. لذا أورد بدوري هنا ما كتبته في الحاشية المشار إليها: "هو أبو عمر حفص بن عمر الأزديّ البغداديّ النحويّ (246). عنه معرفة القرّاء الكبار 1/ 386 - 389 (118)، غاية النهاية 1/ 255 - 257 (1159)."
أي عن ترجمة هذا الشخص يُراجَع المصدر كذا وكذا. أين تكمن الصعوبة في فهم ذلك؟
جاء في الملاحظة الثالثة: "ص 198س 1: " ذكرتُ ذلك بُعَيدَ [كذا بالفتحة، بينما هو بالضمّة عندي في المطبوع] الإسنادَ الموصلَ قراءته "اهـ:كذا ضبطت الكلمات؛ والصواب:"- بُعَيدَ الإسنادِالموصلِ – قراءتَه ... "
أقول: هذا بعيد عن الصواب، لأنّه لو صحّ كلام المعلّق الفاضل، لما جاز فصل اسم الفاعل (المُوصِل) عن مفعوله المباشر (قراءتَه) وغير المباشر (إليّ)؛ فلو اختلفنا في تحديد العامل الذي نصب (قراءتَه) بين أن يكون اسم الفاعل (الموصِل) – وهو ما أرجّحه – وبين أن يكون الفعل (ذكرتُ)، فلا مجال للخلاف ولا الاختلاف في أنّ الجارّ والمجرور متعلّقان باسم الفاعل (المُوصِل). وهذا بدوره يقودني إلى أمر آخر، هو أنّه لا يصحّ لغة وتعبيرًا أن يُقال: "ذكرتُ لك - بعيدَ الإسنادِ الموصِل – قراءتَه إليّ"، حيث اعتبر شبه الجملة (بعيد الإسناد الموصل) اعتراضيّة وفُصل الجارّ والمجرور عن (الموصِل)، بل الصواب أن يُقال في حالة الفصل بينهما وهو أمر قلق لغةً: "ذكرتُ لك - بعيدَ الإسنادِ الموصِلِ – قراءتَه عندي" أو "لديّ"، لا "إليّ"، والصواب هو عدم الفصل على النحو التالي: "ذكرتُ لك بُعَيْدُ الإسنادَ الموصِلَ قراءتَه إليّ"، أي ذكرتُ لك بعد قليل الإسنادَ الموصِلَ قراءتَه إليّ. وهذا يتوافق مع ما فعله الأهوازيّ، إذ أورد بعد سطر ونيف الإسنادَ الموصِلَ قراءةَ الحسن البصريّ إليه. وعليه ضبطتُ النصّ على هذا النحو.
أكتفي بهذا القدر من الملاحظات، لئلا يطول الردّ بالوقوف على التفاصيل؛ فما قدّمته من توضيح وبيان يغنيني عن معالجة سائر التعليقات والردّ عليها. وأرى أنّ المعلّق الفاضل قد استعجل في عرض تعليقاته ولم يتريّث في إصدار أحكامه، نحو قوله:
"وهذا صنيع من لم يميّز الطرق والروايات المتواترة من غيرها:
فرواية المفضل عن عاصم ليست من الرواية المتواترة التي يقرأ بها لعاصم، وعليه فكل قراءة عنه فقط حكم عليها بالتواتر عن عاصم فهذا الحكم " خطأ " وغير معتبر."
وقوله: "ولكن المحقق الفاضل لما كان يفهم ويعتقد- كغيره ممن ليس من أهل هذا العلم"
فهذا كلام لا يجوز أن يصدر عن شخص مثل الدكتور الجكني من جهة، فبذلك إهانة لنفسه، ولا أن ينشره على موقع مثل موقع أهل التفسير الذي لا يتعاطى المشاركون فيه أساليب الطعن والتجريح من جهة ثانية ولا يجوز أن يُقال بحقّ شخص لا يعرفه أدنى معرفة ولا يعرف تجربته العلميّة في هذا الفنّ على الإطلاق من جهة ثالثة. وكان الأَولى به مراجعة صاحب الشأن، أعني مراجعتي، وعرض ما لديه من مسائل وقضايا غرض الاستفسار عنها وعمّا يجول في ذهنه واستيضاح ما يظنّه خطأً أو بعيدًا عن الصواب؛ فإنّ باب التشاور والتناصح والاسترشاد من شيم العلماء الأفاضل، فلا أدري سبب هذا الاستعجال في التعليق ونشره، حيث يتجلّى وينعكس بصور مختلفة، منها نسبة الأخطاء المطبعيّة الشنيعة التي لم تُراجَع من قبل صاحبها، إذ لم يكلّف نفسه عناء مراجعتها مرّة واحدة، نحو:
(في كتي القراءات) [م 1] بدل كتب، (نسخة المجمه) [م 6] بالهاء مكان العين، (علّقعليها) موصولاً [م 14]، (وأمتفي هنا) [م 16] بالميم مكان الكاف، (بد الوهاب بن عطاء) [م 17]، بينما الصواب (عبد الوهّاب بن عطاء)، كما في المطبوع، (زكذا) [م 19] بالزاي مكان الواو، (لأن قراءة أبن كثير) [م 19] حيث حُوّلت همزة الوصل إلى قطع، ("توتير " للشاذ ن) [م 31] بينما الصواب ("توتير" للشاذّ) دون النون الزائدة.
أكتفي بهذا القدر رغم وجود المزيد من قبيل هذا الأخطاء، فأساء لنفسه أوّلاً ثمّ أساء إلى الأمانة العلميّة في نقل المتون المحقّقة كما وردت في بطونها، فلم أره نقل نقلاً من متون مفردة الحسن البصريّ إلا حرّف فيه بصورة أو بأخرى، فحوّل النقطة فاصلة أو أزال النقطة من مكانها على سبيل المثال، لا الحصر. ورأيته لا يعير اهتمامًا مطلقًا لضبط همزات القطع والشدّات فيما نقله وفيما زاده من كلام خاصّ به وهذا تنقيص من كمال الكتابة العربيّة. كذلك أساء استعمال علامات الترقيم إلى أبعد الحدود، فعلى سبيل المثال نقاط الحذف الثلاث [ ... ]، فمرّة يضبطها بثلاث وهو الصواب وأخرى بأربع [م 34 و 36] وأخرى بخمس [م 27] وأخرى بستّ [م 36]. كذلك وجدتُ العديد من الكلمات الملصقة بعضها ببعض، نحو (الإسنادالموصل) [م 3] (أباجعفر) [م 9] و (الشواذغالباً) [م 11/ 1] و (أباعمرو) [م 14] و (أبوجعفر) [م 26] و (قرأبها) [م 28].
أقول خاتمًا: لماذا هذا الاستعجال المشوب بهذا الكم الهائل من الأخطاء والأغلاط مع قلّة الضبط والدقّة؟ فالتريّث والتمهّل والمراجعة أجدى وأنفع وهي من مزايا أهل العلم ذوي الإتقان والإحكام. والله تعالى من وراء القصد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
¥