تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عليه وسلم، وأقواله فلا علم للمؤمنين بكيفية الصلاة، وصفات الركوع والسجود، وكم ركعات الصلوات، وكيفية الوضوء، ومتى أوقات الصلوات إلا بفهم صحيح للأحاديث النبوية، والهدي النبوي الذي كان حاضراً مع الصحابة يعلمهم تلك الأمور كلها، وكان يقول صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي)، فمن لا يؤمن بذلك ويتبع سبيلاً غير هذا، ويؤمن بالقرآن ولا يؤمن بالحكمة فهو كافر، لانتفاء إيمانه بالهدي النبوي قولاً وعملاً. وكذلك يقتضي إيمان أولئك المتقين الإيمان بالكتب السماوية المنزلة من الله سبحانه على أنبيائه الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، قال تعالى (وما أنزل من قبلك) ويتضمن هذا الإيمان بجميع الكتب، وجميع النبيين، وهذه صفة أخرى لعباد الله المتقين، وذلك لتصديقهم بنزول تلك الكتب، وبعثة أولئك الرسل إلى قومهم، أما نبي الله محمد فقد بعثه الله للناس أجمعين قال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (2). لذا فإن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله إلى جميع البشر.

ومن صفات المؤمنين المتقين أيضاً أنهم (وبالآخرة هم يوقنون) أي إنهم يؤمنون باليوم الآخر وما فيه من الجزاء والنكال، والثواب والعقاب، والسعادة والشقاء، وأصحاب النعيم، وأشقياء الجحيم، والآتيان بجهنم، وسجود الأنبياء، وذلة العصاة، وتبيض الوجوه المؤمنة، وتسود الوجوه الكافرة، يؤمنون برؤية الله، ويكلمهم الله سبحانه من غير ترجمان، كل بلغته ويقرهم بأعمالهم، ويؤمنون بتطاير الصحف، فتؤخذ باليمين أو بالشمال، أو من وراء الظهور، فلما أيقنوا بحدوث ذلك من إخبار الله لنا ورسوله في القرآن والسنة، ولما عرفوا واستيقنت قلوبهم (3) بحدوث كل ذلك، كان ذلك ركناً ركيناً من أركان الإيمان الستة، وأضحى من أعظم الدوافع للقيام بالأعمال الصالحة رهبة ورغبة لما عند الله.

الوقفات

1 - تقرير الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من جميع البشر، فلا حجة اليوم لأحد فالأغلبية الآن من الناس يعرف أو يسمع عن دين الإسلام.

2 - تقرير الإيمان بالكتب السماوية كلها، بأنها أنزلت في وقت ما على أنبياء الله، ولكن هل بقيت على حالها، هل ما في أيدي اليهود والنصارى الآن من كتب هل هي نفس الكتب السماوية المنزلة، كلا فالقرآن يكذب زيفهم ويكفر منهجهم، في قوله (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون).

3 - وجوب الإيمان بالآخرة وما فيها يقيناً وتلك صفة من صفات المؤمنين.


(1) سورة آل عمران 113.
(2) سورة الأنبياء 107.
(3) قال السعدي رحمه الله واليقين: هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك الموجب للعمل.

ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[19 Aug 2004, 04:55 ص]ـ
آيات ووقفات (الحلقة الحادية عشر)
إن الذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (7)

خلق الله عز وجل الإنسان، وأعطاه الحواس كي تدرك ما ينفعه فيأخذ به، ويترك ما يضره ويبتعد عنه، فمن استمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، و عرف الحق، وبلاغة القرآن، واهتدى بهديه، أفلح ونجا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، والعرب كان معلوم لديهم الشعر، فكان بمثابة الإعلام في عصرنا الحاضر، وكان مهماً جداً في نظرهم، فلما سمعوا القرآن عرفوا بأن ذلك ليس شعراً، وليس بطلاسم المشعوذين والسحرة، وإن فيه من البيان العظيم، والفصاحة البليغة، واخبار الأمم السابقة، لذلك أسلم الكثير ممن فتح الله على قلوبهم، وأنار بصائرهم، أما الذين أعرضوا عن سماع الحق، وتولوا عن مخالطة الصحابة الذين اعتبروهم في زعمهم صابئة لأنهم تركوا دين آبائهم، وانخرطوا في دين لم تعترف به قلوب كفار قريش كفراً وجحوداً، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألم على حالهم، وهو الرحمة المهداة للبشرية، صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان يسليه ربه ويقول له (إنما عليك البلاغ) ويقول سبحانه (إنك لا تهدي من أحببت) ويقول سبحانه (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم إنما يتبعون أهواءهم) (1). ويقول سبحانه (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) (2). لذلك جاءت هذه الآية في شدة المعترك بين الحق والباطل، وبين نصرة الحق وأهله، ودحض الباطل وأهله، وكانت الفرقان بينهما، فجاء فيها وصف هؤلاء الكفار المعاندين لدين الله، وأعني هنا أن كفار قريش كانوا وثنيين يعبدون الأصنام، وهي في واقع الأمر كانت صوراً منحوتة في الصخور لرجال صالحين كانوا يعبدون الله على دين الحنيفية، دين إبراهيم عليه السلام، ولكن مع طول الأمد، وغواية الشيطان لهم، أخذوا يعتقدون فيها وأنها تقربهم إلى الله ببركة أصحابها الصالحين، فأخذوا يقربون القرابين لها، ويعبدونها مع الله، فأصبحوا بذلك مشركين، فمنهم من أسلم مع النبي، ومنهم من بقي على كفره وعناده، فقال الله سبحانه وتعالى (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) أي الأمر عندهم سيَّان لأنهم لم ترد قلوبهم سماع الحق ولا إتباعه.

الوقفات
1 - الكفر هو الغطاء الذي يغطي القلب فهؤلاء مغطاة قلوبهم عن الحق.
2 - مهمة الرسل البلاغ فقط، وفي هذا درس للدعاة لدين الله.
3 - الران الذي على قلوب الكفار من شدة إعراضهم عن دين الله جعل قلوبهم منكرة للحق مقبلة على الباطل فأصبحت الأمور لديها متشابهة سواء دعيت وأنذرت أم لم تنذر فلن تفتح للإيمان.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير