تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تفسير سورة الإخلاص للشيخ بن عثيمين رحمه الله]

ـ[إمداد]ــــــــ[14 Aug 2004, 01:13 ص]ـ

سورة الإخلاص

(السورة): هي عبارة عن آيات من كتاب الله مسورة، أي منفصلة عما قبلها وعما بعدها، كالبناء الذي أحاط به السور.

إخلاص الشيء، بمعنى: تنقيته، يعني: التي نقيت ولم يشبهها شيء وسميت بذلك، قيل: لأنها تتضمن الإخلاص لله عز وجل، وأن من آمن بها، فهو مخلص فتكون بمعنى مخلصة لقارئها، أي أن الإنسان إذا قرأها مؤمناً بها، فقد أخلص لله عز وجل وقيل لأنها مخلصة ـ بفتح اللام ـ، لأن الله تعالى أخلصها لنفسه، فلم يذكر فيها شيئاً من الأحكام ولا شيئاً من الأخبار عن غيره، بل هي أخبار خاصة بالله والوجهان صحيحان، ولا منافاة بينهما.

الدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ ". فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: "الله الواحد الصمد ثلث القرآن") فهذه السورة تعدل ثلث القرآن في الجزاء لا في الإجزاء، وذلك كما ثبت عن النبي r أن: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات فكأنما أعتق أربع أنفس من بني إسماعيل، فهل يجزئ ذلك عن إعتاق أربع رقاب ممن وجب عليه ذلك وقال هذا الذكر عشر مرات؟ فنقول: لا يجزئ. أما في الجزاء، فتعدل هذا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يلزم من المعادلة في الجزاء المعادلة في الإجزاء. ولهذا، لو قرأ سورة الإخلاص في الصلاة ثلاث مرات، لم تجزئه عن قراءة الفاتحة.

قال العلماء: ووجه كونها تعدل ثلث القرآن: أن مباحث القرآن خبر عن الله وخبر عن المخلوقات، وأحكام، فهذه ثلاثة:

1 - خبر عن الله: قالوا: إن سورة:] قل هو الله أحد [تتضمنه.

2 - خبر عن المخلوقات، كالإخبار عن الأمم السابقة، والإخبار عن الحوادث الحاضرة، وعن الحوادث المستقبلة.

3 - والثالث: أحكام، مثل: أقيموا، آتوا، لا تشركوا .. وما أشبه ذلك.

وهذا هو أ حسمن ما قيل في كونها تعدل ثلث القرآن.

حيث يقول] قل هوالله أحد الله الصمد

] قل [: الخطاب لكل من يصح خطابه.

وسبب نزول هذه السورة: أن المشركين قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام: صف لنا ربك؟ فأنزل الله هذه السورة وقيل: بل اليهود هم الذين زعموا أن الله خلق من كذا ومن كذا مما يقولون من المواد، فأنزل الله هذه السورة سواء صح السبب أم لم يصح، فعلينا إذا سئلنا أي سؤال عن الله أن نقول

] هو [: ضمير وأين مرجعه؟ قيل: إن مرجعه المسؤول عنه، كأنه يقول: الذي سألتم عنه الله وقيل: هو ضمير الشأن و] الله [: مبتدأ ثان و] أحد [: خبر المبتدأ الثاني، وعلى الوجه الأول تكون] هو [: مبتدأ،] الله [خبر المبتدأ،] أحد [: خبر ثان.

] الله [: هو العلم على ذات الله، المختص بالله عز وجل، لا يتسمى به غيره وكل ما يأتي بعده من أسماء الله فهو تابع له إلا نادراً، ومعنى] الله [: الإله، وإله بمعنى مألوه أي: معبود، لكن حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال، وكما في (الناس)، وأصلها: الأناس، وكما في: هذا خير من هذا، وأصله: أخير من هذا لكن لكثرة الاستعمال حذفت الهمزة، فالله عز وجل] أحد [.

] أحد [: لا تأتي إلا في النفي غالباً أو في الإثبات في أيام الأسبوع، يقال: الأحد، الاثنين .. لكن تأتي في الإثبات موصوفاً بها الرب عز وجل لأنه سبحانه وتعالى أحد، أي: متوحد فيما يختص به في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله،] أحد [، لا ثاني له ولا نظير له ولا ند له.

] الله الصمد [: هذه جملة مستأنفة بعد أن ذكر الأحدية ذكر الصمدية، وأتى بها بجملة معرفة في طرفيها، لإفادة الحصر، أي: الله وحده الصمد.

فما معنى الصمد؟

قيل: إن] الصمد [: هو الكامل، في علمه في قدرته، في حكمته، في عزته، في سؤدده، في كل صفاته. وقيل:] الصمد [: الذي لا جوف له، يعني لا أمعاء ولا بطن، ولهذا قيل: الملائكة صمد، لأنهم ليس لهم أجواف، لا يأكلون ولا يشربون. هذا المعنى روي عن ابن عباس رضي الله عنهماولا ينافي المعنى الأول، لأنه يدل على غناه بنفسه عن جميع خلقه، وقيل] الصمد [يمعنى المفعول، أي: المصمود إليه، أي الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، بمعنى: تميل إليه وتنتهي إليه وترفع إليه حوائجها، فهو بمعنى الذي يحتاج إليه كل أحد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير