[تخطيط بعيد المدى للتخصصات الدقيقة في تخصص الدراسات القرآنية]
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[16 Oct 2004, 05:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما يبحث باحث عن مسألة دقيقة في التخصص فإنه يعيا في حلَِّها، بل قد لا يجد مراجع يمكنه الوقوف على المسألة فيها. وعندما يلجأ إلى أهل التخصص يستغرب أنه لا يجد جوابًا!
لماذا؟ أليسوا متخصصين في الدراسات القرآنية؟!
بلى، لكن هل تريدهم شمسًا تشرق على الأرض؟!
لا. ولكن ألا يمكن التفكير في حلِّ مثل هذا الأمر بجدية تامَّة؟
كيف يكون ذلك؟
لِنُفَكِّر.
1 ـ إن علم التفسير من أوسع العلوم، وما من علم ولا نحلة إلا ولها فيه تعلُّقٌ بوجه ما؟
ألا يمكن أن نُوجد متخصصين في الدراسات القرآنية لهم إلمامٌ بهذه العلوم والنِّحل التي لا تخلو منها كتب التفسير بعامة؟
إنَّ النظر (بعيد المدى) لهذه المسألة يقضي بأن يوجَّه الدراسون في الدراسات العليا إلى تخصصات دقيقة يُعرفون بها حال الاحتياج إلى مسألة من المسائل الدقيقة، فالتخصص يحتاج إلى النحوي المفسر، واللغوي المفسر، والبلاغي المفسر، والباحث في مشكلات القرآن العارف بكتبه، والباحث في تفاسير الفِرقِ العارف بتفاصيل معتقداتهم وتطوراتهم الفكرية والعقدية، فهذا متخصص في تفاسير الرافضة، وآخر متخصص في تفاسير الزيدية، وغيره متخصص في تفاسير المعتزلة، وأخر غيره متخصص في تفاسير الصوفية ... الخ.
وبهذا لا يضيع دقيق العلم، ولا يكثر المتخصصون العموميون الذين إذا التُجِئ إليهم في هذه المعضلات لا تجد عندهم شيء بسبب عدم التركيز على جانب من هذه الجوانب.
2 ـ ولا يمنع أن يكون في هذه التخصصات الدقيقة أكثر من متخصص يُرجع إليهم، فلم لا نستفيد مما عند غيرنا، مما هو حسن لو طبقناه عندنا، فأنت ترى في شؤون السياسة أن بعضهم متخصص في الجمهوريات الإسلامية ـ مثلا ـ، وهناك من هو أكثر تخصصًا منه، حيث إنه متخصص في جمهورية من هذه الجمهوريات، بل قد تجد من هو أكثر دقة فيكون متخصصًا في بلد من بلدان تلك الجمهورية، وهذا وذاك يُرجع إليهم في حال الحاجة إليهم، وكل بحسب مناسبته لموضوعه، فلم لا يكون ذلك في الدراسات القرآنية؟!
ألا يمكن ذلك؟
3 ـ قد يقول قائل: كيف تريد من شخص أن يُفني عمره في موضوع واحدٍ لا يخرج منه؟
فأقول: لا أريد لمن يتخصص في موضوع من الموضوعات الجمود على موضوعه، وترك غيره، وإنما المراد أن يكون أوسع أهل التخصص في هذا الباب فحسب، بحيث إذاما احتِيج إليه كان قادرًا على المعونة، وذلك خيرٌ من أن لا يكون في جماعة المتخصصين من لا يفيد في موضوع من موضوعات الدراسات القرآنية الدقيقة.
تلك خاطرة قد عبرت من بين بنات الأفكار أبثها لأهل الملتقى لعلهم يديرون فيها نقاشهم، والله الموفق.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[17 Oct 2004, 05:31 م]ـ
فكرة متميزة ومهمة ..
والحقيقة أننا بحاجة لمثل هذه التخصصات وأرى أن يضع فضيلة الدكتور أبرز التخصصات ولو بشكل أولي حتى يمكن للقارئ تصور الموضوع من جهة وحتى نبدأ باللبنة الأولى لهذا المشروع في بيان أهم التخصصات في القرآن وعلومه.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Oct 2004, 01:19 م]ـ
أخي فهد الوهبي، حفظه الله ورعاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكرك على مرورك على هذا الموضوع، وعلى تعليقك الموجز، وأتمنى أن يكون هناك مشاركة أكبر في هذا الموضوع لبيان الفوائد والسلبيات، ولبيان كيفية تجزئة الموضوعات، وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Oct 2005, 12:38 م]ـ
أتفق مع أخي أبي عبدالملك في أهمية هذا الأمر في كافة التخصصات العلمية، وليس في الدراسات القرآنية فحسب، فقد تشعبت العلوم في زماننا هذا وتوسعت، وأصبح التخصص الدقيق سمة العصر، ولن يؤثر في العلوم ويطورها إلا أهل التخصص الدقيق. ومن باب المشاركة في هذا الموضوع الطريف الذي أتحفنا به الدكتور مساعد كعادته - ومشاركاته كُلَّها تُحَف أقول:
- من أهم التخصصات الدقيقة التي يجب على المتخصص في التفسير العناية بها وإجادتها إجادة تامة علم النحو، فالضعف فيه ضعف في التفسير ولا بد، ولا يكفي منه القليل للمفسر.
- علم البلاغة بفروعه ولا سيما المعاني والبيان، وكلام الزمخشري في أهميته، والسكاكي وغيرهما فيه لا يخفى عليكم. وقد أفاض الطاهر بن عاشور رحمه الله في بيان أهمية هذا العلم، وكرر القول فيه، والتحذير من الخوض في التفسير لمن لا يحسنه ولا يتقنه.
- أصول الفقه، وهذا أيضاً من أهم العلوم للمفسر، حيث إن استنباط الأحكام والفوائد من الآيات ينبني على معرفة هذا العلم الدقيق.
وفي رأيي أن هذا الموضوع جدير بكتابة مطولة يتصدى لها أحد الباحثين، ليخرج في نهاية الأمر بتوصية علمية تتبناها الأقسام العلمية في توجيه الباحثين والباحثات إلى جوانب التخصص الدقيقة لسد الحاجة، وحفظ دقيق العلم، حيث إن الباحثين لكثرتهم أصبحوا يرضون بأي موضوع يعرض، وأي مشروع يطرح للتحقيق أو للبحث، مع غض النظر عن توافقه مع رغبة الباحث، أو الحاجة إليه في الواقع العلمي أو العملي، وغفل القسم والباحثون معاً عن النظرة بعيدة المدى التي أشار إليها الدكتور مساعد الطيار في مقاله هذا، ومع تطاول الزمان يضعف العلم والتخصص، ويتكز الجهد في جوانب علمية قد لا تكون ذات جدوى.
¥