تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الحاجة إلى علم أصول التفسير]

ـ[مولاي عمر]ــــــــ[20 Sep 2004, 04:26 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[الحاجة إلى علم أصول التفسير]

إن الحمد لله نحمده تعالى و نستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيآت أعمالنا. من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد:

فقد امتازت العلوم الإسلامية بكونها تتركب في الغالب من شق نظري وشق تطبيقي. و أبرز مثال على ذلك الفقه الإسلامي الذي يمثل الجانب التطبيقي،حيث واكبه علم أصول الفقه الذي يمثل الجانب النظري. وقل نفس الشيء بالنسبة لعلم الحديث،فمنه الجانب التطبيقي الذي يهتم بالرواية وهو المتعلق بالنصوص الحديثية تحملا وأداء،ومنه الجانب النظري وهو علم الدراية أو أصول الحديث. وكما للفقه أصوله، وللحديث أصوله فللغة أصولها.

لكن علم التفسير بقي خاليا مما هو أجدر أن يتحصن به، وهو هذا الجانب النظري الذي نصطلح عليه: (علم أصول التفسير).

وهذه الثغرة من بين الأسباب التي جعلت التفسير مجالا للطعن والتحريف قديما وحديثا، بقصد وبغير قصد. وفي هذا المعنى يقول ابن تيمية:" إن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين والباطل الواضح والحق المبين ". ولئن كان الإمام أحمد رحمه الله، قد عد علم التفسير من العلوم التي لا أصل لها، قاصدا بذلك جانب الرواية والسند، حين قال:" ثلاث كتب لا أصل لها: المغازي والملاحم والتفسير" وقد قال محققو أصحابه: يعني أنها في الغالب ليس لها أسانيد صحيحة متصلة، فيجوز أن نقول أيضا إن التفسير علم بلا أصول بالمعنى الذي يفهم من أصول الفقه في علاقته بالفقه ...

إن الحديث عن الفراغ الذي تشكوه المكتبة القرآنية في علم أصول التفسير، يتطلب منا الوقوف على ما أنجز من الدراسات القرآنية للوقوف على هذه الجوانب النظرية وتتبعها.

لا ينكر أحد كثافة الدراسات التي أنجزت عن القرآن الكريم وما يتعلق به، كما لا ينكر أحد تعددها واتساعها، حتى ليمكن القول إنه لا يوجد كتاب على وجه الأرض درس كما درس النص القرآني،بل عدت دراسات كثيرة من أوجه الترف العلمي. بل إن علوما كثيرة إنما قامت من أجل فهم كتاب الله تعالى وخدمته حتى اصطلح على قسم منها علوم الآلة. فتراث الأمة العلمي إنما قام حول القرآن وهذا ما جعل مصطفى الصاوي الجويني يقول: " ويهول الدارس أن يجد تراثا ضخما يتجه كله إلى خدمة النص القرآني ".

وفي محاولة عرض اهتمامات المفسرين وتخصصاتهم العلمية يمكن تسجيل ذلك التنوع الذي يغطي أو يكاد كل التخصصات المعرفية التي عرفها الفكر الإسلامي بمفهومه الواسع. فلقد أقام كل عالم صلة له بكتاب الله، وأسهم في تفسيره، سواء بتفسير القرآن كاملا وهو المقصود، أو أجزاء منه وهو ما لم يتركه أحد إلا قليلا.

إن حضور النص القرآني في تراث الأمة حضور واضح وجلي، تتنوع مساحات هذا الحضور اتساعا وضيقا. وتختلف درجات التأثر قربا أو بعدا، وتتعدد مظاهر الاستدلال وتختلف أشكال التناول، لكن لا تكاد تفتح كتابا إلا وجدت النص القرآني حاضرا فيه نصا أو مضمونا،آية أو آيات…

إن حرص كل عالم، ومن ثم كل فرقة أو مذهب على التأصيل لمفاهيمه من القرآن الكريم، والعمل على إقامة الحجة منه على اختياراته العلمية أدى بلا شك، وكما هو معلوم إلى كثير من الانحراف في التفسير فضلا عن الكثرة والاتساع في الإنتاج.وهذا من أهم مبررات قيام علم أصول التفسير، وإلى نفس المعنى يشير الدكتور محمد بن لطفي الصباغ حين يقول:" لقد ألف أحد العلماء رسالة يبين فيها أن كل أصحاب المذاهب الهدامة كانوا يستدلون على باطلهم وعقائدهم الزائفة بآيات من القرآن…ويرى الناظر فيها التمحل، ولي عنق الآية، والاعتماد على المغالطة، وإغفال سياق الآيات وأسباب النزول. إن هذا كله ليبين لنا أهمية قيام علم أصول التفسير بمهمته الجليلة وهي صيانة كتاب الله عن هذا العبث".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير