كلام لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله حول سُوَرة تَبَّت
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2004, 05:32 م]ـ
سورة [تبت] نزلت في هذا وامرأته، وهما من أشرف بطنين في قريش، وهو عم علي، وهي عمة معاوية، واللذان تداولا الخلافة في الأمة هذان البطنان: بنو أمية، وبنو هاشم، وأما أبو بكر وعمر فمن قبيلتين أبعد عنه صلى الله عليه وسلم واتفق في عهدهما ما لم يتفق بعدهما.
وليس في القرآن ذم من كفر به صلى الله عليه وسلم باسمه إلا هذا وامرأته، ففيه أن الأنساب لا عبرة بها، بل صاحب الشرف يكون ذمه على تخلفه عن الواجب أعظم. كما قال تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ} الآية [الأحزاب: 30].
قال النَّحاس: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1]، دعاء عليه بالخسر. وفي قراءة عبد الله: [وقد تب]. وقوله: {وَمَا كَسَبَ}، أي: ولده. فإن قوله: {وَمَا كَسَبَ}، يتناوله، كما في الحديث ولده من كسبه. واستدل بها على جواز الأكل من مال الولد. ثم أخبر أنه: {سَيَصْلَى نَارًا} [المسد: 3] أخبر بزوال الخير، وحصول الشر، و [الصلي] الدخول والاحتراق جميعا. وقوله: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] أن كان مثلا للنميمة؛ لأنها تضرم الشر، فيكون حطب القلوب، وقد يقال: ذنبها أعظم، وحمل النميمة لايوصف بالحبل في الجيد، وإن كان وصفا لحالها في الآخرة، كما وصف بعلها وهو يصلي، وهي تحمل الحطب عليه، كما أعانته على الكفر، فيكون من حشر الأزواج، وفيه عبرة لكل متعاونين على الإثم، أو على إثم ما، أو عدوان ما.
ويكون القرآن قد عمم الأقسام الممكنة في الزوجين، وهي أربعة إما كإبراهيم وامرأته، وإما هذا وامرأته، وإما فرعون وامرأته، وإما نوح وامرأته، ولوط. ويستقيم أن يفسر حمل الحطب بالنميمة بحمل الوقود في الآخرة. كقوله: [من كان له لسانان] إلخ. والله أعلم.
المرجع
فتاوى شيخ الاسلام
ـ[أبو علي]ــــــــ[11 Sep 2004, 10:58 ص]ـ
سورة المسد وسورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس كلها سور
فصلت ما تضمنته سورة النصر.
فسورة المسد تطلبها سياق كلام الله (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) فكان على ذوي القربى أن يكونوا أول الناس دخولا في دين الله، وبما أن أبا لهب لم يفعل وهو من ذوي القربى فهو أولى باللوم واللعن من غيره، فلو أن الملك أخذ البيعة من الشعب وامتنع عن البيعة 2000 شخص من ضمنهم عم الملك، فمن هو أولى هؤلاء
الخارجين باللوم؟ أليس عم الملك هو الأولى باللوم والتوبيخ؟
كذلك فإن أبا لهب هو أولى الناس باللعن في هذا الموقف.
وسورة الإخلاص تطلبها سياق كلام الله (فسبح بحمد ربك).
فالتسبيح تنزيه لله، لأن (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) والإسم الذي يناسبه التسبيح هو (العزيز الحكيم) ,
لماذا أتي التنزيه في سورة الإخلاص تنزيها لله عن الولد: لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد)؟ لماذا لم يأت التسبيح بفعل: (سبح) أو المصدر (سبحان)؟
لأنه من الحكمة أن يأتي التسبيح مناسبا للحدث، فالحدث هو النصر وظهور دين الله على الدين كله في قوم النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يقولون: الملائكة بنات الله، فلم يعد أحد يقول (الملائكة بنات الله) ولذلك جاء التسبيح (التنزيه) مناسبا لما أنجزه النصر.
وجاءت المعوذتان مناسبتان لقول الله في سورة النصر (واستغفره إنه
كان توابا) فالاستعاذة تعتبر استغفارا، فلما كان هؤلاء مشركون كان الشيطان في راحة أما وقد أسلموا فإن الشياطين ستنشط بالوسوسة لتفتن الناس. فنبه الله الناس على الاستعاذة من شياطين الإنس والجن.
وهل أرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم فقط إلى قومه الذين كانوا يعتقدون أن الله ولد بناتا أم أنه تعالى أرسله ليصحح كذلك عقيدة النصارى الذي هم أيضا قالوا وما زالوا يقولون: ولد الله مسيحا؟
لا شك أن الله تعالى أرسل رسوله إلى الناس كافة وليصحح عقيدة الذين قالوا اتخذ الله ولدا.
إذا فسورة النصر لا تعني فقط فتح مكة وإنما سيأتي نصر أعظم بالبينة التي يستيقنها النصارى وكل الناس فيدخل الناس (مطلقا)
في دين الله أفواجا.
أكتفي بهذا والسلام عليكم.