تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الأسباب الصوتية لاختيار المفردة القرآنية]

ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[10 Aug 2004, 04:24 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[الأسباب الصوتية لاختيار المفردة القرآنية]

ملاحظة: قد ترد في البحث مصطلحات صوتيه لا يقال بأنها موجودة في القرآن، وإنما ذكرت للإيضاح فقط، كما وأفاد البحث من بعض الكتب والتفاسير التي لا يعني أخذ نصٍ يستلزمه البحث قناعة كاتبه بهذه الكتب وجميع ما ورد فيها؛ لذا وجب التنبيه، مؤمناً بكتاب الله على مراد الله الذي فهمه سلف الأمة عرفته أم لم أعرفه ..

** ** **

انماز القرآن ببنائه الصوتي الذي لا يقترب منه في خصائصه بناء أبداً، ولعل الأساس في بناء القرآن الصوتي

أنه غير قائم على نظام (الحركة والسكون) في قالبٍ جاهزٍ كما هو معروف في الشعر (عمودياً وحرَاً)، الأمر الذي لا يستلزم فرض قالب صوتي قد لا يكون موافقاً للموقف الذي يُصوّر، أو الصورة التي تُرسم والذي يهمني هنا: أن القرآن لما كان منمازاً عن الشعر وقوانينه فأنه لم يقع أسير التوحد الشكلي في اختيار المفردة التي تنهي عبارته والتي تفرض نفسها - أي القافية - تفرض نفسها شكلاً لازماً في نهاية كل عبارة في الشعر مما يعني: أن الاختيار مشروط أساساً كصيغةٍ تشكيليةٍ تحقق تنغيماً معيناً كثيراً ما يكون على حساب الأداء الدلالي للمفردة في الحد الأدنى من السلبية؛ إذ قد يتحكم هذا الاختيار المشروط بالفكرة أو الصورة كلياً مما سيعني في كل الأحوال قصوراً في الإيصال والتصوير لما يراد الإخبار عنه أو تصويره وعلى الرغم من هذا كله فإن القرآن ما كان تاركاً أسلوباً مثل هذا - التأثير الصوتي - دون الإفادة التامة من خصائصه التأثيرية والجمالية؛ لذلك نجد أنّ الفاصلة تتكرر غالباً وعلى امتداد السورة، ولا تخرج عن التوحد الصوتي أو الشكلي إلا في مواضع قليلة لأن القرآن لم يشترط لنفسه شروطاً في التعبير قد تكون حائلاً بينه وبين الدقة في الدلالة والمعنى؛ لذلك ظهرت المفردة القرآنية مستعملةً في نمطية غريبة ما اعتادتها الأذن العربية لذلك رأيتني مضطراً لتعريف المفردة القرآنية بأنها:

الشكل الدلالي الوحيد الصالح - بأفضل أداءٍ صوتي ممكن - للتعبير عن كلّ أغراض السياق.

لذلك فقد عنيَ (القرآن بالجرس والإيقاع عنايته بالمعنى وهو لذلك يتخير الألفاظ تخيراً يقوم على أساس من تحقيق الموسيقى المتسقة مع جو الآية وجو السياق بل جو السورة كلها في كثير من الأحيان وبخاصة تلك السور القصار التي حَفِلَ بها العهد المكي ... لتأكيدها أصول العقيدة: من الإيمان بالله وتوحيده و .... ) (1) هذه السور التي ما أن سَمع بعضها الوليد بن المغيرة حتى قال قولته المشهورة: إن له حلاوة وإن عليه لطلاوة ... (2) فما هي الطلاوة التي فيه إذا كانت حلاوته معانيه ودلالاته إنها نابعة من الألفاظ (من حيث هي أصوات أثرٌ موسيقي خاص يوحي إلى السمع بتأثيرات مستقلة تمام الاستقلال عن تأثيرات المعنى وعن مجرد كون اللفظ رقيقاً وغيررقيق، ونرى الشعراء في العادة يتجنبون طائفة من الألفاظ التي لا يستطيعون أن يستسيغوها) (3)، وقد أشار الدكتور إبراهيم أنيس إلى هذا النوع من الدلالة التي تستمد من طبيعة الأصوات والتي يُسميها علم اللغة الحديث (الدلالة الصوتية) أو (رمزية الألفاظ) كما سماها (جسبرسن) (4) لأن لكل كلمة ذائقة سمعية - تكتسبها من استقلالها بحروف معينة - قد تختلف عمّا سواها من الكلمات التي تؤدي نفس المعنى مما يجعل الكلمة المختارة مؤثرة أكثر من الأخرى - وإن اتحدت معها بالمعنى - بما تضفيه الدلالة الصوتية التي تتجلى بكلمات مختارة (5) لأجل هذا كله كان للمحدثين اهتمام كبير بهذا الجانب كما سيأتي الأمر الذي جعلهم ينتقدون طريقة من سبق في دراستها في كلامهم عن الإيقاع الناشئ من تخير الألفاظ ونظمها .. فمع أن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير