[آيات ووقفات (الحلقة الخامسة)]
ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[12 Aug 2004, 07:51 م]ـ
[آيات ووقفات (الحلقة الخامسة)]
اهدنا الصراط المستقيم
وهذه لمحة أخرى من التربية الربانية لعباده المؤمنين كيف يكونون في جميع أحوالهم خاضعين لله، متذللين لعظمته، وناكسي رؤوسهم بين يديه، فماذا علمهم أن يقولوا بعدما أثنوا عليه وحمدوه وأجلَّوه؟ وقرروا أنهم عبيدٌ له وحده، لا يعبدون إلا الله، ولا يستعينون إلا به، أمرهم بأن يقولوا اهدنا الصراط المستقيم، أي يارب اهدنا طريق الحق المبين، طريق الهدى والصلاح، طريق المغفرة والرحمة، الطريق المؤدي لرضا الرب وعفوه، وهو دين الإسلام. فما أحوجنا إلى هداية الله، وما أحوجنا إلى تعلم ديننا، وأركانه ووسائل الخير التي تدلنا على رضا ربنا، ما أحوجنا أن نعرف صراط الله المستقيم، ونعرف كيف سلكه الذين من قبلنا من السلف الصالح، ما أحوج الأمة اليوم أن تعيش حياة الصالحين، الذين أرادوا الخير فعملوه، وأرادوا السلام فحققوه، وأردوا الكرامة فنالوها، وذلك لأنهم اتبعوا ما يرضي الله فرضي الله عنهم، قال تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه)، إنهم الذين سكبوا دمائهم في سبيل الله إرضاء لله، ونشراً لدينه، وليس كما يقول المستشرقون بأنهم نشروا الدين بالسيف، فالسيف لا يدخل الإيمان في القلوب، ولكنهم عرضوا على رؤساء الكفار من فارس والروم، عرضوا عليهم أن يسمحوا لهم بتعليم الناس دين الإسلام، أو أن يدفعوا الجزية، أو الحرب، فكانت خياراتهم المتكبرة المتغطرسة دائماً تنادي بالحرب، فكان لهم ما اختاروه، وماذا كانت النتيجة؟ هزمهم الله، ونصر المؤمنين، حتى وصل الإسلام إلى بقاع كثيرة من العالم، وهناك دول تدين بالإسلام اليوم لم ينتشر فيها الإسلام عن طريق معارك، بل انتشر بأخلاق التجار المسلمين، وهذه صفات العباد الصالحين الذين كانوا أمثلة رائعة في التحلي بالإسلام ديناً، وخلقاً. قال السعدي رحمه الله "فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط فالهداية إلى الصراط لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علماً وعملاً".
الوقفات
1 - تقرير ضعف وافتقار العبد لهداية الله، فكما قال ابن رواحه فوالله لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا.
2 - وجوب مسألة الله الهداية والصلاح لقوله صلى الله عليه وسلم (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
3 - تربية الله للمؤمنين أعظم مسألة، وهي مسألته سبحانه الهداية والثبات على الصراط المستقيم، وهو الإسلام فلله الحمد والمنة أن هدانا إلى الإسلام حيث نعبد الله وحده بدون وسطاء أو أولياء بيننا وبينه.
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[13 Aug 2004, 03:15 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا الجهد وفتح عليك، ولو سمحت لي فلقد
يمكن أن يضاف من الوقفات التعبيرية على هذه الآية ما يأتي:
1. قيل في سبب الخطاب بالجمع هنا مع أن القياس على التكلم بالإفراد، فقد كان السياق على أن يقال: (أياك أعبد وإياك أستعين اهدني الصراط المستقيم)، ولكن جاء في اشارات الإعجاز: والتكلم مع الغير في (نعبد) لوجوه ثلاثة:
أي نعبد نحن معاشر أعضاء وذرّات هذا العالم الصغير - وهو أنا - بالشكر العرفي الذي هو إطاعة كلٍ لما أُمر به ..
ونحن معاشر الموحّدين نعبدك باطاعة شريعتك ..
ونحن معاشر الكائنات نعبد شريعتك الكبرى الفطرية ونسجد بالحيرة والمحبة تحت عرش عظمتك وقدرتك.
وذهب الشعراوي رحمه الله إلى أن العبد يرى في نفسه قصور أمام الله تعالى فلا يجرؤ على الطلب منه بصورة منفردة بـ (أنا) فسأل بسؤال الجمع اتهاماً لنفسه، وجمعاً لنفسه مع المصلين عسى أن تنزل الرحمة لأحدهم فيشمل بها (هم القوم لا يشقى جليسهم).
2. قد يستشكل في الآية أيضا طلب الهداية ممن هو مهتد، إذ إن المصلي وغيره مهتدٍ في أصل فعله، فكيف يطلب العبد ما هو عنده أصلاً …
¥