تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مع أغلى كتاب (جولات في سورة يوسف ... 7)]

ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[19 Sep 2004, 01:40 م]ـ

دراسة الشخصيات من خلال السورة

تعتبر دراسة معالم الشخصيات وما تتمتع به من صفات وإبرازها للناس - سواء أكانت هذه الشخصيات ذات صفات خيرة أم شريرة - مطلبا إعلاميا في غاية من الأهمية؛ وبخاصة إذا درست راسة متأنية وصُورت تصويرا فنيا بديعا فإن مردودها الإعلامي والتربوي نافع بإذن الله.

والقرآن الكريم خير واصف للشخصيات التي عرض لدراستها ولنأخذ مثالا لذلك صاحب "يس" فإن الله تعالى يحكي لنا عنه -وهو يدعو قومه إلى الله تعالى، وينصحهم، ولم يكن له ناصر ينصره من بينهم يمنعه منهم، فكتب الله له الشهادة وأدخله الجنة فتمنى أن يعلم قومه بما أكرمه الله تعالى به؛ إذ يقول الله تعالى في ذلك {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِي لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَانُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِي (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِي (25) قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ (27)} [1]

فهو يدعوهم إلى الخير، وينصحهم وهم يتكتلون عليه ويسيؤن إليه إلى درجة أن قتلوه وليس أي قتله لكنهم اجتمعواعليه ورفسوه بأرجلهم حتى مات رحمه الله تعالى ورضي عنه. ([2]) ولما أكرمه الله بدخول الجنه تمنى أنه يعلم قومه بدخوله الجنه فيؤمنوا فيدخلوها، فإ نهم إذاتاكدوا أنه على الحق ربما يهديهم ذلك إلىالحق؛هذة الشخصية المبرأة من الحقد التي تحيا وتموت لا من أجلها وحداهما. كمايفعل الأنانيون ـــ بل من أجل غيرها،أيضا هذا المبدأ الراسخ الذي قرره الإسلام ,, لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه ([3]) ,, وقول النبي صلىالله عليه وسلم حين دخل مكه ـ فاتحاً ـ وقد أصبح بمقدوره أن يحصد عتاولة قريش حصدا ــ ماترون أني فا عل بكم؟! قالوا أخ كريم وابن أخ كريم قال صلى الله عليه وسلم {اذهبو فأ نتم الطلقاء} ([4]) وهذا له مدلول اعلامي مهم وهو أن الإسلام الذي جاء به الأنبياء والمرسلون من أولهم إلى أخرهم هو واحد ويخرج من مشكاة واحدة يدعوا إلى الفضيلة وينهى عن الرذيلة، لقد صورت الأيات الكريمات في سورة" يس" هذه الشخصيةالمباركة أيّما تصوير ورسمت توجهاتها وخلجات نفسها رمت مايداخلها وما تقوله وما تفعله، وأنه مترابط ترابطا لاانفصام بينها البتة، وبقول موجز " وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال ياقوم اتبعوا المرسلين إلى قوله تعالى " قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون، بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين " ([5]) هذه النفوس التي زكاها الإيمان لاتزال تضرب أروع الأمثلة في كل مكان وزمان فتؤثر تأثيراً ايجابياً لمن تمكن من مشاهدتها أو سماعها، وبالعكس فإن النفوس التي خرجت عن هذه التزكية مهما ادعت الحضارة والتقدم، فإنها تضرب أسوأ الأمثلة في الخسة والنذالة وماتفعله أُوربا المتحضرة بالمسلمين في البوسنة والهرسك وكذلك روسيا وما تفعله بالشيشان، وما تفعله أمريكا والتي تعتبر الموجه الخلفي لمآسي المسلمين في أنحاء الدنيا وما يفعله هؤلاء العتاة أصحاب النفوس المريضة المتعطشة لظلم الآخرين مثال صارخ لما نقول (كتبت هذه قبل أن تسفرالسلطات الأمريكية عن وجهها علنا في أيام حرب البوسنة والهرسك) وإن له لدلالات إعلامية مهمة لمن كان من أصحاب التدبر والتفكر ورصد الأحداث ومطابقة القول للعمل، لتقوم الحجة فلا يدعها المستقبل جهلا.


[1]- سورة يس
[2]-الأشقر،زبدة التفسير (الطائف دار المؤيد، الثانية 1416هـ) ص581.
[3] متفق عليه:البخا ري 1/ 53، 54،055ومسلم رقم54
[4]- منير محمدالفضبا ن. فقه السيره النبوية (مرجع سابق) ص569
[5]-سورة يس الآيات 20 - 27.
3 محمد الغزالي النظرية الإسلامية في الإعلام والعلاقات الإنسانية، (الإعلام الإسلامي والعلاقات الإنسانية)، مرجع سابق ص279
- كليم صدقي،الحركة الإسلامية وحاجتها إلى الإعلام .. (المرجع السابق) ص139.
- محمد قطب، الإعلام الإسلامي، المرجع السابق ص162،163
- رمضان لاوند، السياسة الإعلامية في القرآن الكريم، المرجع السابق ص171،173.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير