[لفضيلة الدكتور مساعد الطيار وأهل الاختصاص وفقهم الله]
ـ[عبد الحميد العرفج]ــــــــ[03 Sep 2004, 03:39 م]ـ
وهذا رفع للموضوع السابق ويبدو أنه رجع إلى الصفحة الثانية وغاب عن أنظار المهتمين.
لذا أرجو من الدكتور الفاضل وغيره من طلبة العلم الأفاضل التكرم بالإفادة.
وجزيتم خيراً.
الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?threadid=2463
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Sep 2004, 04:37 ص]ـ
أخي الكريم
ما يتعلق بموضوعكم مسطر ومبثوث في كتب الوقف والابتداء؛ ككتاب ابن الأنباري والداني والسجاوندي والأشموني وغيرهم، لكنا كما تعلم أمة لا نقرأ، والله المستعان.
اما ما يتعلق بخطأ بعض الأئمة فهو واقع لأن تعلم هذا العلم مما لا يكاد يُذكر عند القراء فضلاً عن غيرهم، فأفسر لك الحال ولا أبرر لك الواقع، والله المستعان أيضًا.
وكم من إمام قد رام وقوفًا يظنها حسنة، وهي في عداد القبيح، بل لقد رأيت لبعض فضلاء العصر ممن يُعدون من القراء وقوفًا غريبة، وقد تاملت حالهم، فوجدتهم يتوهمون معنًى قبيحًا، ثم يهربون منه إما بوقف و إما بوصل على حسب حال الجملة التي وقع فيها التوهم.
كما رأيت بعضهم يتذوق الوقوف ويتصيد المعاني منها، وهذا مسلك غير سديد، فالمعنى أولاً، ثمَّ يترتب عليه الوقف.
ولولا طول هذا الموضوع لآفضت فيه بشيء من التفصيل، لكن أذكر لك على سبيل التذكرة وقفًا مشهورًا يخالف ما عليه تفسير السلف، وذلك في أول وقف تعانق في المصحف، حيث يوجدعلى شبه الجملة (فيه).
فلو وقفت على (ذلك الكتاب لا ريب) ثم قلت: (فيه هدى للمتقين) فيترتب على هذا الوقف أمران:
الأول: أن خبر لا النافية محذوف تقديره (فيه)، ويكون تمام المعنى على هذا: ذلك الكتاب لا ريب فيه، فيه هدى للمتقين.
الثاني: أن القرآن يشتمل على الهدى، ولا يلزم أن يكون كله هدى، فهو فيه هدى فقط.
وهذا الوقف يخالف تفسير السلف الذين أجمعوا على تفسير (لا ريب فيه) بـ (لا شك فيه)، ولم يرد عن واحد منهم أنه فصل شبه الجملة (فيه) عن سابقتها، مما يدل على أنهم يرونها جملة مستقلة، ولا تقدير فيها، وإذا تعارض التقدير أو الإضمار مع الاستقلال قُدِّم الاستقلال؛ أي: أن جملة (لا ريب فيه) جملة مستقة ليس فيها إضمار ولا تحتاج إلى تقدير.
كما أن تفسير السلف يدل على أن القرآن كله هدى، حيث يجعلون جملة (هدى للمتقين) جملة مستقلة، وهذا يعني أنه كله هدى، وهذا أبلغ من الوجه المذكور في الوقف الأول.
كما يلاحظ أيضًا أن المدلول عليه في الوجه الأول جزء من مدلول الوجه الثاني، والوجه الثاني أعم منه وأبلغ، وعليه تفسير السلف، فهو المقدم، والله أعلم.
ومن هذا تعلم أنه لا حاجة إلى وقف التعانق في مثل هذا الموضع، والله أعلم.
وقس على ذلك غيره من الوقوف، فإنك ستجد كثيرًا منها إما بسبب التوهم، وإما بسبب التذوق الخاص، والله الموفق.