[حقيقة الوجود في اليوم الموعود {13}]
ـ[عمار اكرم مصطفى العكيلي]ــــــــ[06 Sep 2004, 03:31 م]ـ
(((جسر جهنم)))
يقول الله عزوجل ((يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب *ينادونهم الم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم انفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني حتى جآء امر الله وغركم بالله الغرور*فاليوم لايؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير)) {الحديد آية:13 - 15}
هذه الآيات الكريمة تصور لنا الصراط والسير عليه. قال ابو امامة يعطى المؤمن النور. ويترك الكافر والمنافق بلا نور ,فاذا بقي المنافقون في الظلمة لايبصرون مواضع اقدامهم قالوا للمؤمنين ... ((انظرونا نقتبس من نوركم))
فلما رجعوا وانعزلوا في طلب النور ((ضرب بينهم بسور)) اي هلا طلبتم النور مما علمتم في الدنيا التي تركتموها ورائكم ... {تفسير القرطبي}
في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد لنا ان ارض المحشر في ظلمة فيقول: روى مسلم ان حبرا من احبار اليهود اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يامحمد اين يكون الناس يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات؟؟
فقال رسول الله هم في الظلمة دون الجسر .. {رواه مسلم عن ثوبان}
الناس على الصراط دون الصراط تمشي في ظلام, ويستمر الظلام, ولانور الا مما اكتنز الانسان من الاعمال الصالحة في الحياة الدنيا ((يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم))
هذه الاية تدل بوضوح على ان المؤمنين سبَاقون على الصراط ,والظلام قد عم المكان كله ,وقد يسأل سائل!!
اذا كان الصراط فوق النار الا تضيء النار الصراط؟؟؟ جواب هذا نراه في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم قالوا والله ان كانت لكافية يارسول الله قال: فانها فضلت عليها بتسعة وستين جزء كلها مثل حرها))
{رواه البخاري ومسلم واحمد والترمذي ومالك}
قال ابو هريرة:اترونها حمراء كناركم هذه؟ لهي اسود من القار. {القار} الزفت {رواه مالك في الموطأ}
الصراط مركب على سواد مظلم ... وجهنم سوداء مظلمة ,فالمؤمنون تصبح اعمالهم بقدرة الله نورا ,وهذا النور بقدر الاعمال الصالحة ,كلما كان العمل الصالح كثيرا كلما كان النور واسعا ,وسرعة مرور المؤمنين على الصراط بقدر اعمالهم ...
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فيمر اولكم كالبرق, قال قلت: بابي انت وامي اي شيء كمرالبرق؟؟؟ قال الا ترون الى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ,ثم كمر الريح ,ثم كمر الطير, وشد الرجال تجري بهم اعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم حتى تعجز اعمال العباد يجيء الرجل فلا يستطيع السير الا زحفا.قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة تأمر من امرت به فمخدوش ناج ومكدوس في النار والذي نفس ابي هريرة بيده ان قعر جهنم لسبعون خريفا))
{رواه مسلم}
هذا الحديث يوضح لنا كيف يمشي المؤمنون على الصراط ,انهم يمشون بسرعة متفاوتة ,فمنهم من يمر كالبرق اي بسرعة الضوء ,ومنهم من يمر كالريح العاصف ,ومنهم كالطير, وفي رواية كالفارس ,ومنهم راكبون على النجائب ,والنجائب حيوانات يركب عليها المؤمنون على الصراط, ومنهم من يهرول ,ومنهم ماش ,ومنهم مخدوش ناج, المؤمنون يمشون على الصراط بسرعة متفاوتة بحسب اعمالهم الصالحة ,والمنافقون والمنافقات ورائهم يقولون لهم: ((انظرونا نقتبس من نوركم)) فيرد المؤمنون على هؤلاء المنافقين فيقولون ((ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا)) هنا يضرب السور بينهم وبين المؤمنين الذين سبقوهم, وفي هذا يقول الله عزوجل: ((فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب)).يضرب السور في لحظة بقوله تعالى: ((كن فيكون)).
ولهذا جائت كلمة ((ضرب)).وهذا السور هو الاعراف الذي ورد ذكره في القرآن الكريم.يقول تعالى: ((وبينهما حجاب وعلى الاعراف رجال)) الحجاب اي بين النار والجنة حاجز ,اي سور ,وهو السور الذي ذكره الله تعالى بقوله ((فضرب بينهم بسور)) ..... {الحديد آية 13}
((وعلى الاعراف رجال)) اي على اعراف السور وهي شرفه ومنه عرف الديك وعرف الفرس, وعن ابن عباس ان الاعراف سور له عرف كعرف الديك ..... {تفسير القرطبي}
والسور هو الاعراف, يكون عليه ناس تساوت حسناتهم وسيئاتهم, وبعد ان يضرب السور ينادي الكافرون المؤمنين الم نكن معكم .. ((ينادونهم الم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم انفسكم وتربصتم وغرتكم الاماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور)) {الحديد آية:14}
وهنا نتسائل لماذا جاء لفظ ((ينادونهم)).ولم يأت لفظ ((قالوا))؟؟
لان السور اصبح حاجزا بين المؤمنين والكافرين, فالقول لايجدي نفعا ,فالسور يحجز القول بين الطرفين. إذن الكفار بحاجة الى نداء ,والنداء هو ماعلا على القول.أي صوت اكبر واقوى كي يدرك مسامع الطرف الآخر.
ان القلم ليعجز عن تبيان الحال يوم القيامة ,وقد ورد وصف هذا الحال في كثير من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية ,ولو جمعناها لتكونت عندنا الصورة الآتية:عندما ياتى بجهنم من مكان بعيد ولها شهيق وزفير ويسحبها الملائكة عند ذلك تجثوا الامم على الركب.يقول تعالى: ((وترى كل امة جاثية)) {الجاثية آية:28}
.................................................. .................................................. ..
يتبع التتمة في ((حقيقة الوجود في اليوم الموعود 14))