تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ألا لا يبخلنْ أحدٌ برأيه ...

ـ[حرف]ــــــــ[12 Sep 2004, 11:42 م]ـ

التحصيل العلمي بين: التخصص في الجزء و الغرق في الكل

أرجو من الأشياخ الكرام في هذا المنتدى المبارك , والإخوة الذين سبق لهم أن قرأو أو سمعوا عن هذا الموضوع أن يدلوا بما لديهم والقضية باختصار هي التالي.

انقسم الناس حول العلم , وهل أنَّ التخصص في جزء منه هو الطريق الأكمل , والسبيل إلى الانتفاع والنفع على الوجه الأمثل , وذلك مع أخذ صُبابةً من العلم لابد منها, أم أن ذلك هو الحرمان , وأنه من عداد المصائب التي بلينا بها في آخر الزمان , حتى أصبحنا في زمنٍ بائس أعجبني ما قاله عن حاله العلمية العلامة محمود الطناحي حين قال: أنك لا تكاد تجد اليوم العالِم الحاضِر كما كنت تجده حتى زمنٍ قريب.)

(والعالم الحاضر: يُقصد به العالم الذي يتكلم بنفس واحد في علوم اللغة والقرآن والحديث و التاريخ ... وغيرها , من قال في مثله الشاعر القديم وأحسن: وكان من العلوم بحيث يُقضى ... له من كل علم بالجميعِ.)

بل غالب من تراه - حتى ممن يُسمى زوراً بالعالم - رجلٌ يتكلم في فنٍّ من العلم لا يحسن غيره , و لا يتقن سواه , حتى إذا أراد السباحة يمنةً أو يسرةً غرِق في شبر ماء!

وإنك لتجد – وحالنا هذه - من إذا سألته في القرآن أو أحد علومه وجدت له في الكلام صولة وجولة , فيأخذ ويدع ويرجح ويفاضل , و تسأله عن خبر حديث من أحاديث البخاري مبتغياً جواباً حاضراً , وعلماً في الحال.

فتراه و لسان حاله: يا أخي إذا أردت جوابي فإليَّ بكتابي , وهل تظنني عالماً في كل مسألة؟ وهل العلم إلا بحرٌ لا ساحل له , وهل تظنُّ الطبري مازال في الأحياء و ... و ... قلتُ: وحسرةٌ تشلُّ لساني ... !

(هذا وإنَّ حديثي لمنصبٌّ على البخاري - وما أدراك ما البخاري؟ - أصح كتاب بعد كتاب الله , وأولاه باهتمامٍ ورعاية , فكيف إذا كان السؤال عما هو دون ذلك في المنزلة؟).

ألا ترى أنَّ أبياتا ساقها قدماء العلماء قد أمست غير ذات معنىً يفهم في زمن الفساد العلميِّ الذي نحياه؟ و إذا شئتم أن أن تسمعوا فاسمعوا:

نحوٌ وصرفٌ عروضٌ ثمَّ قافيةٌ ... وبعدها لغةٌ قرضٌ وإنشاءُ.

خطٌّ بيانٌ معانٍ مع محاضرةٍ ... والاشتقاقُ لها الآدابُ أسماءُ.

ما معنى هذه الأبيات؟ وهل تعرفون بربكم من يتقن هذه العلوم , وهي اثنا عشر علماً كلُّها فروع علمٍ واحد هو علم اللغة؟ هل تعرفون من علماء الشرع ممن لم يصب بلوثة التخصص من يتقن أصول هذه العلوم دون كل مافيها؟

ثم أقول: وهل هذا الحال العلمي مقبول في هذا الزمان؟ ألسنا بحاجة إلى ثورة علمية قبل حاجتنا إلى أي أمر آخر والحال العلمي هذه؟ أليس هذا من دلائل رفع العلم التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفشوِّها في آخر الأيام وهذا ما يراه بعض المشفقين ومنهم الشيخ محمد الحسن الددو – حماه الله - فهو يرى أن التخصص من البلاء ومن أمارات رفع العلم الذي توعَّد به عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان؟.

فهل من همةٍ ترفع هذه الأغلال المُثقِلَة لسير الموتى على الطريق الطويل؟ ومالنا لا ننادي بأعلى صوت كما رفع شوقي عقيرته ولسنا عنه ببعيد:

وما استعصى على قومٍ منالٌ ... إذا الإقدامُ كانَ لهم ركابا

وما نيلُ المطالبِ بالتمني ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

وإذا رأيت أحدا من القائلين بالتخصص فعليك بالكُرسف فاملأ به أذنيك , فإنه دواء ما استعصى من الكلم , وأنشد ما أنشده أسلافك:

أتانا أن سهلاً ذمَّ جهلاً ... عُلُوماً ليسَ يدريهنَّ سهلُ

علوماً لو دراها ما قلاها ... ولكنَّ الرضا بالجهلِ سهلُوقل له ما قاله ابن الوردي – رحمه الله -:

مات أهل العلم لم يبق سوى ... مقرف أو من على الأصل اتكل

اطلب العلم و لا تكسل فما ... أبعد الخير على أهل الكسل

لا تقل ذهبت أيامه ... كل من سار على الدرب وصل

في إزدياد العلم إرغام العدى ... وجمال العلم إصلاح العمل

أما الرأي الآخر وهو الرأي المناصرُ لطريق التخصص فإنني اقتبس فيه شيئاً من كلام الشيخ حاتم الشريف – حرس الله مهجته – وهو من الفريق الذي يرى أن التخصص هو السبيل الأقوم , والطرق الأمثل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير