تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[سعيد الشهري]ــــــــ[13 Sep 2004, 05:00 م]ـ

آيات ووقفات (الحلقة السادسة عشرة)

وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون (14)

لا يزال السياق القرآني يصف لنا أوصاف نفوس المنافقين، ويخبرنا أنها نفوس ماكرة خبيثة، فإذا لقوا وقابلوا المؤمنين، قالوا آمنا، واتبعنا الهدى، ويقومون بالشعائر الدينية مثلهم تماماً، ولكن إذا واجهوا سادتهم اليهود والمشركين قالوا لهم مطمئنينهم نحن معكم، وموالينكم، ومؤيدينكم، ولكننا نستهزأ، ونجامل أولئك السفهاء،ولكن لا تخافون فنحن معكم وسنعاضدكم، ولن نكون في صف هؤلاء أبداً، تلك هي الصورة الجديدة التي فهمها محمد عليه السلام، وفهم منها أنه أمام مواجهة صفاً خطيراً من ألد الأعداء، والعقبات الكأداء، إذا أنهم في داخل الصف الإسلامي، ويتحدثون بلغة القوم، ويقرأون القرآن، ويؤدون الأعمال تقية من القتل، ولكن كل ذلك كانت تكشفه الآيات البينات.

إن تلك الصفات الغريبة في المجتمع المدني، فتحت باباً آخر لحرب الدعوة بإسم الإسلام، وهذه والله من الصعوبة بمكان، حيث الرسول صلى الله عليه وسلم تتنزل عليه تلك الآيات، وهو صابر بحكمة بالغة، فهو لا يريد أن يفتح جبهة مع بني عقيدته، وهذا قد يجر على الأمة الفتنة في دينهم ودنياهم، ويكون عقبة في نشر الدعوة الإسلامية، فالناس بطبيعتهم لا تقبل الظلم، ولا سفك الدماء خصوصاً في مثل تلك الظروف العصيبة، فكيف لو سمع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل أناس من أصحابه، فهل ذلك سيخدم الدعوة، هل ذلك سيصدقه الناس خصوصاً في عصور الجهل بدين الإسلام، هل ذلك العمل سيخدم دين الله أم أنه سيجر الويلات على المجتمع، ويحول دون دخول الناس في الدين؟ وهذه خطوة خطيرة لو أقدم عليها الداعية الأول محمد صلى الله عليه وسلم، وحاشاه أن يفعل ذلك فلقد كان قائداً للأمة الإسلامية في الحكم، وفي الميدان، وفي حفر الخندق، وفي الشورى، وفي كل أمور المسلمين كانت له البصيرة الثاقبة لكل ما تحتاجه دعوته، لذلك كان هو الإمام المنصف، والنبي المرسل، والمقاتل الشجاع، وإن العبارات حقيقة لا أستطيع أن أوفيه عليه الصلاة والسلام حقه في المدح والتبجيل في هذه العجالة.

إن المنافقين كانوا معرضين عن الدعوة متبعين غير هدى الله، وذلك نزولاً لرغباتهم، وشهواتهم، التي حالت دون وصل قلوبهم للحق، فهم يستهزءون بالمؤمنين، ويقولون آمنا ومن تلك العبارات التي يعتقدون أنها تنطلي على النبي وأصحابه، ونسوا أن الله معز جنده، وهازم أعداء الدعوة في كل زمان ومكان.

الوقفات:

1 - المخادعة والمجاملات على حساب الدين صفة من صفات المنافقين.

2 - كشفت الآيات تولي المنافقين لأحبار اليهود والمشركين (شياطينهم).

3 - الاستهزاء بالدين وأهله، وتسفيه عقول الصالحين من طبيعة المنافقين.

ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[13 Sep 2004, 09:27 م]ـ

أخي سعيد الشهري جزاك الله خير

أحب أن أضيف فوائد ذكرها العلامة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله مستفاده من هذه الآية والتي بعدها في تفسيره لسورة البقرة وقد اشتملت على مسائل في العقيده

الفوائد:

.1 من فوائد الآيتين: ذلّ المنافق؛ فالمنافق ذليل؛ لأنه خائن؛ فهم {إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} خوفاً من المؤمنين؛ و {إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم} خوفاً منهم؛ فهم أذلاء عند هؤلاء، وهؤلاء؛ لأن كون الإنسان يتخذ من دينه تَقيَّة فهذا دليل على ذله؛ وهذا نوع من النفاق؛ لأنه تستر بما يُظَن أنه خير وهو شر ..

.2 ومنها: أن الله يستهزئ بمن يستهزئ به، أو برسله، أو بشرعه جزاءً وفاقاً؛ واعلم أن ها هنا أربعة أقسام:

قسم هو صفة كمال لكن قد ينتج عنه نقص: هذا لا يسمى الله تعالى به؛ ولكن يوصف الله به، مثل "المتكلم"، و"المريد"؛ فـ"المتكلم"، و"المريد" ليسا من أسماء الله؛ لكن يصح أن يوصف الله بأنه متكلم، ومريد على سبيل الإطلاق؛ ولم تكن من أسمائه؛ لأن الكلام قد يكون بخير، وقد يكون بشر؛ وقد يكون بصدق، وقد يكون بكذب؛ وقد يكون بعدل، وقد يكون بظلم؛ وكذلك الإرادة ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير