تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَكُتُبه وَرُسُله وَالْبَعْث بَعْد الْمَوْت وَالْجَنَّة وَالنَّار وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَعَنْهُ وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله فِي اِمْتِثَال الْأَوَامِر وَتَرْك الزَّوَاجِر." قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء " يَعْنُونَ - لَعَنَهُمْ اللَّهُ - أَصْحَابَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَة وَالسُّدِّيّ فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس (انتهى). إذاً هؤلاء يرون إلى أتباع محمد بأنهم سفهاء، وأنهم ضعفاء الرأي، والأوصاف التي لا تليق بمسلم، فما بالك في صحابي، تلك النفوس المريضة، والتي أزدادت عداوة، وشراسة ضد الإسلام وأهله، يحذر الله النبي وأصحابه منها لأنها خطيرة، ومن داخل الصف الإسلامي، فيرد الله عز وجل (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) نعم وأي سفه أشد من أناس يعايشون النبي، ويجالسونه، ويسمعون منه، ومن أصحابه الكرام، ولا يتبعون الهدى، وقلوبهم معرضة عنه، فأخبر الله نبيه بمكرهم، وتكذيبهم والعياذ بالله بالرسالة، ورسول الله يصبر، ويتعلم من ربه مكر هؤلاء، ولكنه ألتزم الحكمة، والتزم الصبر من أجل نجاح الدعوة، وبناء الدولة الإسلامية في المدينة، وانتشار الإسلام فيها، فرفض فكرة قتل المنافقين، وكان يعرف أعيانهم، وقادتهم، إلا أنه كان يقول: أتريدون أن يقولوا الناس أن محمداً يقتل أصحابة، أنظر إلى الحكمة، والنظرة المستقبلية للدعوة، كيف سيكون مصير الدعوة إذا سعى المرجفون وما أكثرهم بنشر مثل تلك الحقائق إذا حدثت؟، كيف سيكون مصير الدعوة إذا تمت تلك التصفيات لتلك الفئة الدخيلة على المجتمع الإسلامي، ولكنه صلى الله عليه وسلم، كان يكفيه أن يستقبل الوحي، ويقرأه على أصحابه، ويتدارسونه بينهم، ويكتفي بذلك من أجل الدعوة الإسلامية.

الوقفات

1 - ذكر الله المنافقين بتسفيههم لأحلام الصحابة وتكبرهم على الحق.

2 - أفضلية الصحابة على جميع الخلق، وأن السفهاء حقاً هم المنافقون.


آيات ووقفات (الحلقة الثامنة عشرة)
وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون (14)
لا يزال السياق القرآني يصف لنا أوصاف نفوس المنافقين، ويخبرنا أنها نفوس ماكرة خبيثة، فإذا لقوا وقابلوا المؤمنين، قالوا آمنا، واتبعنا الهدى، ويقومون بالشعائر الدينية مثلهم تماماً، ولكن إذا واجهوا سادتهم اليهود والمشركين قالوا لهم مطمئنيهم نحن معكم، وموالينكم، ومؤيدينكم، ولكننا نستهزئ، ونجامل أولئك السفهاء،ولكن لا تخافون فنحن معكم وسنعاضدكم، ولن نكون في صف هؤلاء أبداً، تلك هي الصورة الجديدة التي فهمها محمد عليه السلام، وفهم منها أنه أمام مواجهة صفاً خطيراً من ألد الأعداء، والعقبات الكأداء، إذا أنهم في داخل الصف الإسلامي، ويتحدثون بلغة القوم، ويقرأون القرآن، ويؤدون الأعمال تقية من القتل، ولكن كل ذلك كانت تكشفه الآيات البينات.
إن تلك الصفات الغريبة في المجتمع المدني، فتحت باباً آخر لحرب الدعوة بإسم الإسلام، وهذه والله من الصعوبة بمكان، حيث الرسول صلى الله عليه وسلم تتنزل عليه تلك الآيات، وهو صابر بحكمة بالغة، فهو لا يريد أن يفتح جبهة مع بني عقيدته، وهذا قد يجر على الأمة الفتنة في دينهم ودنياهم، ويكون عقبة في نشر الدعوة الإسلامية، فالناس بطبيعتهم لا تقبل الظلم، ولا سفك الدماء خصوصاً في مثل تلك الظروف العصيبة، فكيف لو سمع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل أناس من أصحابه، فهل ذلك سيخدم الدعوة، هل ذلك سيصدقه الناس خصوصاً في عصور الجهل بدين الإسلام، هل ذلك العمل سيخدم دين الله أم أنه سيجر الويلات على المجتمع، ويحول دون دخول الناس في الدين؟ وهذه خطوة خطيرة لو أقدم عليها الداعية الأول محمد صلى الله عليه وسلم، وحاشاه أن يفعل ذلك فلقد كان قائداً للأمة الإسلامية في الحكم، وفي الميدان، وفي حفر الخندق، وفي الشورى، وفي كل أمور المسلمين كانت له البصيرة الثاقبة لكل ما تحتاجه دعوته، لذلك كان هو الإمام المنصف، والنبي المرسل، والمقاتل الشجاع، وإن العبارات حقيقة لا أستطيع أن أوفيه عليه الصلاة والسلام حقه في المدح والتبجيل في هذه
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير