تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41). وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42).

ثم أمر الله عز وجل أهل الكتب السماوية التوراة والإنجيل من اليهود وخصهم في هذه الآية لأنهم هم المعنيون بالإيمان التام بما أنزل على محمد وهو القرآن الكريم، ثم حذرهم أن لا يكونوا أول كافر به، لأنهم ليس لديهم عذر من جهل أو غيره لأن هذا القرآن مصدق لما عندهم من التوراة والإنجيل، فكيف يتولون عن أوامر الله، ويكذبون ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك مذكور عندهم في كتبهم، ثم قال ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً أي لا تستعيضون الدنيا بدلاً من آياتي، ثم جاء التذكير الآخر في قوله تعالى وإياي فاتقون، فلا يخيفكم أحد إذا خفتم من الله عز وجل ومن الذي يضع الآمان في القلوب غير الله، ومن الذي يتقرب إليه غير الله، ومن الذي يعبد العباد فيتركون ما ينهى عنه، ويتقربون إلى ما يرضيه غير الله وذلك يتسق اتساقاً تاماً مع سلوك العباد الصالحين، وهكذا نعرف أن تلك النفوس الغريبة من بني إسرائيل، خاطبها الرب سبحانه وتعالى في هذه الآية على اعتبار أنهم أول زمرة من اليهود وكانوا مجتمعين في المدينة المنورة، قبل أن يطردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض الجزيرة لنقضهم العهد، فإن لم يؤمنوا في تلك الحقبة الزمنية، فسيصبحون أول زمرة من الكفار الذين أنكروا مصداقية كتب الله، واستخفوا بالآيات والرسل، ثم حذرهم الله من أن يلبسوا على الناس دينهم الباطل بدلاً من الإسلام، قال الحسن البصري: إن الدين الحق هو الإسلام والنصرانية واليهودية بدعة ليست من عند الله (انتهى)، لذلك جاءت هذه الآيات لتبعد اللبس الذي يحاول القساوسة أن يزجوا بالمسلمين في أتون الضلال، والانحراف عن منهج الله القويم الدين الحق.

الوقفات

1 - أهل الكتاب هم أولى الناس بالتصديق بمحمد عليه الصلاة والسلام، وبالقرآن الكريم لثبوت تبشير الرب بذلك في كتابهم.

2 - من باع دينه لكي يكسب من الدنيا فقد خاب وخسر.

3 - التقوى هي إتباع أوامر الله واجتناب نهيه.

4 - النهي عن التلبيس الذي يتخذه الأعداء لصرف الناس عن الحق.

آيات ووقفات (الرابعة والثلاثون)

وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)

ثم جاء الأمر الرباني، وهو الامتحان العسير في نظر يهود، وهو أن يمتثلوا لأمر الله سبحانه حيث أمرهم أن يصلوا مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أي يصلوا صلاة واحدة جماعة معه، وأن يدفعوا الزكاة له، وفي ذلك اختبار لمدى طاعتهم لله من عدمها، فهل سيستجيبون لذلك الأمر الرباني، أم تأبى أنفسهم المتكبرة على أوامر الله، المعرضة عن منهجه، فالله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً حتى يعلمه الخطأ من الصواب وذلك بإرشاده عن طريق الكتب، والرسل، وفي هذا أبلغ الحجج، وأعظم التربية، فهل بعد محمد صلى الله عليه وسلم حجة، وهل بعد القرآن دليل على صحة التنزيل، وبرهان التدليل، وعظم الحجة، وقوة الإعجاز. بعد كل ذلك ينكر الله عليهم إذ كيف يأمرون الناس بالدخول في دين محمد، وهم في أنفسهم لا يرون ذلك، ولا يأتمرون به في ذواتهم، فذمهم الله عز وجل بأنهم سيهلكون أنفسهم بذلك العمل، ولوا أنهم عرفوا الحق والتبشير بنبوة محمد العربي الذي لا ينتمي لإسرائيل كما توقعت يهود، فلما بعث على تلك الصفة، دب الحسد في قلوبهم، ونسوا أنهم كانوا يتشوقون لبعثة ذلك النبي، وأنه سيكون من بني إسرائيل كما توهمت نفوسهم، ولكن لأن الحال ليس على أهوائهم تمرد الكثير منهم على أوامر الله، وأصبح عدواً لدين الإسلام والعياذ بالله، حتى وإن كانوا يتلون الكتاب، فلم يعد الإيمان له دور في قلوب أكثرهم، بل أن الحقد أعمى أبصارهم، وبصائرهم، فيقرؤن الكتاب ولكن قلوبهم معرضة عنه لهول المصاب الذي خيب آمالهم.

الوقفات

1 - الأمر الرباني يجب طاعته على كل حال.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير