تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم جعل مِلاك أمر الإمامة القراءة، وجعلها مقدمة على سائر الخصال المذكورة معها. والمعنى في ذلك أنهم كانوا قوماً أميين لا يقرءون، فمن تعلم منهم شيئا من القرآن، كان أحق بالإمامة ممن لم يتعلمه؛ لأنه لا صلاة إلا بقراءة إذ كانت القراءة من ضرورة الصلاة، وكانت ركناً من أركانها صارت مقدمة في الترتيب على الأشياء الخارجة عنها، ثم تلا القراءة بالسنة وهي الفقه ومعرفة أحكام الصلاة وما سنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها وبينه من أمرها، وأن الإمام إذا كان جاهلا بأحكام الصلاة ربما يعرض فيها من سهو ويقع من زيادة ونقصان أفسدها وأخدجها، فكان العالم بها الفقيه فيها مقدماً على من لم يجمع علمها ولم يعرف أحكامها.

ومعرفة السنة وإن كانت مؤخرة في الذكر وكان القراءة مبتدأة بذكرها فإن الفقيه العالم بالسنة إذا كان يقرأ من القرآن ما تجوز به الصلاة أحق بالإمامة من الماهر بالقراءة إذا كان مختلفاً عن درجته في علم الفقه ومعرفته السنة.

وإنما قدم القارئ في الذكر لأن عامة الصحابة إذا اعتبرت أحوالهم وجدت أقرأهم أفقههم به.

وقال ابن مسعود: كان أحدنا إذا حفظ سورة من القرآن لم يخرج عنها إلى غيرها حتى يحكم علمها ويعرف حلالها وحرامها أو كما قال.

فأما غيرهم ممن تأخر بهم الزمان فإن أكثرهم يقرءون ولا يفقهون فقراؤهم كثير والفقهاء منهم قليل.

وأما قوله عليه السلام: (فإن استووا في السنة فأقدمهم هجرة) فإن الهجرة قد انقطعت اليوم -هذا رأي الخطابي -، إلا أن فضيلتها موروثة، فمن كان من أولاد المهاجرين أو كان في آبائه وأسلافه من له قدم في الإسلام أو سابقة فيه أو كان آباؤه أقدم إسلاما فهو مقدم على من لم يكن لآبائه سابقة أو كانوا ممن بنى العهد بالإسلام، فإذا كانوا متساوين في هذه الحالات الثلاثة فأكبرهم سناً مقدم على من هو أصغر سنا لفضيلة السن، ولأنه إذا تقدم أصحابه في السن فقد تقدمهم في الإسلام فصار بمنزلة من تقدمت هجرته.

وعلى هذا الترتيب توجد أقاويل أكثر العلماء في هذا الباب:

قال عطاء بن أبي رباح: يؤمهم أفقههم، فإن كانوا في الفقه سواء فأقرؤهم، فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم.

وقال مالك: يتقدم القوم أعلمهم، فقيل له: أقرؤهم؟ فقال: قد يقرأ من لا يُرضى.

وقال الأوزاعي: يؤمهم أفقههم.

وقال الشافعي. إذا لم تجتمع القراءة والفقه والسن في واحد قدموا أفقههم إذا كان يقرأ من القرآن ما يكتفي به في الصلاة، وإن قدموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن.

وقال أبو ثور: يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ القرآن وإن لم يقرأه كله.

وكان سفيان الثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق يقدمون القراءة قولا بظاهر الحديث). انتهى كلام الخطابي

ـ[موراني]ــــــــ[31 Aug 2004, 10:50 ص]ـ

عبد الرحمن الشهري المحترم , جزاكم الله خيرا لما تفضلتم بتوضيحه والتعليق الحسن المفيد عليه!

نعم , يطبع الكتاب قريبا بتحقيقي ويشمل على كل لوحات على الرق التي وجدناها في المكتبة العتيقة بالقيروان من الكتابين الصلاة والحج.

أما التصلية فهي اختصار مني في هذا الموضع فقط فأعتذر لهذا التقصير. أما المخطوط وتجد فيه التصلية كاملة كما تجدها كذلك أيضا: (صلى الله عليه).

وكذلك أيضا: (عائشة زوج النبي عليه السلام). في هذه المواضع جاء في النص المحقق كما جاء في الأصل , فربما أخالفكم في هذه المسألة الا أنني مرتبط بالأصل فلا يجوز لي أن أضيف اليه شيئا. وبعض الأحيان لا يذكر المؤلف (أو الناسخ) التصلية على الاطلاق. لقد لاحظت هذه المظاهر المتعلقة بالتصلية وعدم ذكرها (!) في عدة مخطوطات بالقيروان , فلا ليس لي أن أتدخل فيه هذا الأمر باعتباري محققا.

فكما تعلم أن القاعدة الأصولية (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) قاعدة معتبرة

فأجيب: نعم , هذا كله صحيح كما جاء فيما تفضلتم بذكره عن صاحب عون المعبود وعن الخطابي , الا أن عبد الملك بن حبيب في منتصف القرن الثالث لم يعلم بهذه القاعدة المتأخرة عليه , بل قال في شرحه ما جاء ذكره في هذه المشاركة.

أما قول مالك: وقال مالك: يتقدم القوم أعلمهم، فقيل له: أقرؤهم؟ فقال: قد يقرأ من لا يُرضى

فذكره ابن حبيب لفظا في هذا الباب من الكتاب , كما يذكر بعد ذلك الألحان في قراءة القرآن وعيوبها.

كما جاء ذلك أيضا عند يحيى بن عمر الكناني على أوراق متفرقة التي قد تعود الى كتابه في البدعة:

قال:

ولقد بلغني عن كثير ممن لا علم لهم أنهم بالوا (بفتح اللام) في هذه الأصوات المحدثة التي جاء النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم بما قد اقتصصناه عنهم في كتابنا هذا الحديث الذي جاء:

ْزينوا القرآن بأصواتكم ,

فأخطؤوا في تفسيره , والحديث كما أحدثك به.

فتأوّل من لا علم له في هذه الأحاديث على غير تأويلها وظنوا أن تفسيرها ما أحدثوا

في القرآن من أصوات الغناء والحداء حتى صاروا من فتنتهم في ذلك , يزنوا أصواتهم تلك وزنا ويعلم ذلك بعضهم بعضا كتعليم المغنيات أصوات الغناء وحتى صاروا يسمون لآي القرآن أصوات مختلفة: لآية كذا صوت كذا , ولآية كذا صوت كذا.

وهذا حدث عظيم في الاسلام.

وانما تفسير (زينوا القرآن بأصواتكم) أن يرتل القاريء قراءته

(وقد حكينا قراءته في اول هذا الكتاب) , حرفا حرفا كما كان النبي عليه السلام يقرأ بالترتيل كما أمره الله جل ذكره.

وقد حكينا قراءته في أول هذا الكتاب , ثم فسر ذلك أصحابه من بعده. (انتهى)

أنظر أيضا هذا الرابط:

http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=231&highlight=%E3%E6%D1%C7%E4%ED

هذا , فأنظر ما جمع ابن أبي زيد القيرواني من الشروح لهذا الحديث المذكور أعلاه في كتاب النوادر والزيادات , ج 1 , ص 280 الى 283 في باب (في الامامة ومن هو أحق بها) , حيث يذكر ما جاء في الواضحة لابن حبيب عند غيره من القدماء في المذهب المالكي.

تقديرا

موراني

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير