لكنه قد توبع على أصل الحديث، يرويه أبو إسحاق الفزاري عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: (الم. غلبت الروم) قال:
غلبت، وغلبت. قال: كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم؛ لأنهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكره لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلي الله عليه وسلم: "أما إنهم سيغلبون". قال: فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً؛ فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا؛ فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك أبو بكر للنبي صلي الله عليه وسلم، فقال ألا جعلتها إلى دون - قال: أراه قال: العشر - قال: قال سعيد بن جبير: البضع ما دون العشر، ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله: (الم. غلبت الروم) إلى قوله: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) ".
أخرجه الترمذي، وأحمد (1/ 276و304)، والطبري (21/ 12)، وابن عساكر (1/ 357)، وكذا الحاكم (2/ 410)، وقال:
"صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي. وهو كما قالا، وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة".
وله شاهد من حديث دينار بن مكرم الأسلمي قال:
"لما نزلت (الم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين)، فكانت فارس يوم هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم؛ لأنهم وإياهم أهل كتاب، وذلك قول الله تعالى: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) فكانت قريش تحب ظهور فارس؛ لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث، فلما أنزل الله تعالى هذه الآية خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة (الم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين). قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون، وتواضعوا الرهان، وقالوا لأبي بكر: لم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين؟ فسم بيننا وبينك وسطاً ننتهي إليه، قال: فسموا بينهم ست سنين. قال: فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر تسميته ست سنين؛ لأن الله تعاى قال: (في بضع سنين) [4/الروم].قال: وأسلم عند ذلك ناس كثير".
أخرجه الترمذي، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (ص329) من طريق ابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن عروة بن الزبير عنه، وقال:
"حديث صحيح حسن غريب".
قلت: إسناده حسن.
وله شواهد أيضاً مرسلة عن قتادة وجابر بن زيد عند الطبري، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عند ابن عساكر.
وبالجملة: فحديث الترجمة صحيح دون قوله: "ألا احتطت يا أبا بكر"؛ لفقدان الشاهد. والله أعلم."
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[07 Oct 2010, 05:19 م]ـ
أشكرك جداً يا أبا سعد، لكن أريد جمعاً أكثر من هذا للروايات لأني أريد أن أصل إلى تحديد تاريخ نزول مطلع السورة بدقة؛ فحسب الرواية التي نقلتَ تحسين الشيخ الألباني لها حُددت المدة بين النزول والنصر بسبع سنين لكنها لم تحدد متى كان النصر؟ وهناك روايات أخرى تجعل المدة تسع سنوات ثم اختلف في النصر فقيل وافق بدراً وقيل وافق بيعة الرضوان فجمع هذه الروايات مع تمحيص أسانيدها والنظر في متونها هو ما أطلبه ولابن عاشور كلام يحتاج إلى تمحيص من أهل الحديث.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[09 Oct 2010, 09:07 م]ـ
تذكيراً بالطلب من أهل التخصص.