تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلى منواله جمع البيهقي في كتابه الذي سماه جامع النصوص من كلام الشافعي وهما كتابان جليلان لا يستغني عنهما عالم وخطبة كتاب أحمد بن حنبل الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل عليهم الصلاة والسلام بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله تعالى أهل العمى فكم من قتيل لابليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد أهدوه فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تعالى تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مخالفة الكتاب يقولون على الله تعالى وفي الله تعالى وفي كتاب الله تعالى بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون الجهال بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين

ثم قال باب بيان ما ضلت فيه الجهمية الزنادقة من متشابه القرآن ثم تكلم على قوله تعالى (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) قال قالت الزنادقة فما بال جلودهم التي عصت قد احترقت وأبدلهم الله جلودا غيرها فلا نرى أن الله عز وجل يعذب جلودا بلا ذنب حين يقول جلودا غيرها فشكوا في القرآن وزعموا أنه متناقض فقلنا إن قول الله عز وجل بدلناهم جلودا غيرها ليس يعني جلودا أخرى غير جلودهم وإنما يعني بتبديلها تجديدها لأن جلودهم إذا نضجت جددها الله ثم تكلم على آيات من مشكل القرآن ثم قال وإن مما أنكرت الجهمية الضلال أن الله عز وجل على العرش استوى وقد قال تعالى (الرحمن على العرش استوى) وقال تعالى (ثم استوى على العرش الرحمن فاسئل به خبيرا) ثم ساق أدلة القرآن ثم قال ووجدنا كل شيء أسفل مذموما قال الله تعالى (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) وقال تعالى (وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) ثم قال معنى قوله تعالى (وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون) يقول هو إله من في السموات وإله من في الأرض وهو على العرش وقد أحاط علمه بما دون العرش لا يخلو من علمه مكان ولا يكون علم الله تعالى في مكان دون مكان وذلك من قوله (لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما)

قال الامام أحمد ومن الاعتبار في ذلك لو أن رجلا كان في يده قدح من قوارير وفيه شيء كان نظر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح فالله سبحانه وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع ما خلق وقد علم كيف هو وما هو من غير أن يكون في شيء مما خلق قال وخصلة أخرى لو أن رجلا بنى دارا بجميع مرافقها ثم أغلق بابها كان لا يخفى عليه كم بيت في داره وكم سعة كل بيت من غير أن يكون صاحب الدار في جوف الدار فالله سبحانه قد أحاط بجميع ما خلق وقد علم كيف هو وما هو وله المثل الأعلى وليس هو في شيء مما خلق

قال الإمام أحمد ومما تأولت الجهمية من قول الله تعالى (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) فقالوا إن الله معنا وفينا فقلنا لهم لم قطعتم الخبر من أوله إن الله تعالى يقول (ألم تر إن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا) يعني علمه فيهم أينما كانوا (ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم) ففتح الخبر بعلمه وختمه بعلمه

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير