تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويستمر المشهد بالجدال والخصام بين الظالمين واليك المشهد القرآني: ((وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم أين ماكنتم تعبدون * من دون الله هل ينصرونكم او ينتصرون * فكبكبوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون * قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين * وما أضلَنا إلا المجرمون * فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم * فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين *))

{الشعرآء آية:91 - 102}

الندم يأكلهم وهم يمقتون أنفسهم , بل مقت الله أكبر من مقتهم أنفسهم وهم يقسمون بالله أنهم ضآلُون ويتمنون لو كانوا مؤمنين ...

وهناك مشاهد قرآنية أخرى تصف وضعا جديدا , إذ يتبرأ المتبوعون من الذين اتبعوهم فيقول تعالى: ((ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبَا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب * إذ تبرَأ الذين ا’تبِعوا من الذين اتبعوا وتقطعت بهم الاسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم عليهم حسرات وما هم بخارجين من النار *)) {البقرة آية:166 - 168}

هكذا يتبرأ بعضهم من بعض ... ويضيف القرآن الكريم لنا صورة أخرى تبين الأسف والندم الشديد ودعاء بعضهم على بعض وملاعنتهم فيما بينهم. يقول الله تعالى: ((يوم تقلَب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرآءنا فأضلَونا السبيلا *ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا *)) {الأحزاب آية:66 - 68}

هؤلاء يتمنون لو أنهم أطاعوا الرسول كي لا يكونوا في هذا الوضع المؤلم , ليتهم لم يطيعوا الكبراء والسادة , فطاعتهم في الدنيا بما يخالف شرع الله جعلتهم في ضلال مبين. وفي العذاب الشديد يطلبون الى الله عزوجل ان يذيق الكبراء والسادة ضعفين من العذاب الذي هم فيه مشتركون. وفي جهنم ورغم حريقها وشدة نيرانها وبأس عذابها يتخاصم هؤلاء المجرمين يقول الله عزوجل: ((هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار * قالوا بل انتم لا مرحبا بكم انتم قدمتموه لنا فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار * وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار * أتخذناهم سخريا ام زاغت عنهم الابصار * إن ذلك لحق تخاصم اهل النار*)) {ص آية:59 - 64}

يقول الله عزوجل لاهل النار هذا فوج مقتحم معكم في نار جهنم , فيقول هؤلاء لامرحبا بهم , فيجيب المقتحمون الجدد. (وهم اخلاء هؤلاء) بل انتم لامرحبا بكم لانكم السبب في دخولنا هذا الجحيم. تخاصم بين الفريقين وهم اخلاء الدنيا ,فاين اصبحت تلك المحبة في الدنيا اين ذلك الحب الذي كان يربطهم في الدنيا؟ الله تعالى يبين لنا هذا فيقول: ((الأخلآء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ الا المتقين)) {الزخرف آية:67}

هذا واقع من انحرف عن الطريق القويم الذي امر الله عباده ان يسلكوه , ولكن العجب من هؤلاء , إنهم يسألون عن رجال كانوا يعدونهم من الأشرار , قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى ((مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار)). يريدون اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: يقول ابو جهل أين بلال؟ أين صهيب؟ أين عمار؟ أولئك في الفردوس واعجبا لابي جهل! أسلم إبنه عكرمة , وابنته جويرية , واسلمت امه واسلم اخوه وكفر هو.


{تفسير القرطبي} ____
يتبع (((خسارة المستهزئين))) {20}

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير