وإتماماً لهذه الفائدة أقول: إن ما ذكره الدكتور المحقق محمود الطناحي رحمه الله له جانب كبير من الصواب، وقد نص العلامة محمود شاكر في مقدمته للجزء الرابع على طبيعة عمله فيما يتعلق بالأحاديث ودوره الذي قام به فقال: (وقد شاركت أخي - أيده الله - في بيان حال بعض رجال أسانيد الآثار دون الأحاديث، والفرق بين ما كتبته وما يكتبه لا يحتاج إلى إشارة وتوضيح، فهو فرق ما بين الذي يكتبه المتمكن الراسخ، وما يكتبه الشادي المشارك فيما لا قدم له فيه، فأغنى ذلك عن النص على ما كتبتُ) أهـ.
فهذا في الأجزاء الأربعة الأولى، ثم كثر عمل محمود شاكر بعد الجزء الرابع في التخريج والحكم على الأحاديث فصار يوقع ذلك باسمه خشية الالتباس بعمل أخيه، حتى قال في تقديمه للجزء العاشر: (وبعد، فقد كنت أشرت في تصدير الجزء الرابع أني شاركت أخي السيد أحمد في بيان حال رجال الآثار، وخرجت ما اتفق منها. ثم كثر ذلك حتى صرت أوقع باسمي في ذيل بعض التعليق الذي أخشى أن يحمل على أخي وعلى علمه.
أما منذ الجزء التاسع، فقد انفردت بالعمل كله، فخرجت عامة أحاديث الجزء التاسع والعاشر، وتركت الإشارة إلى ذلك، ولكني وجدت في نفسي أني خالفت حق العلم، وأمانة النسبة، فإن قارئ التفسير، يعلم من عنوانه أن أخي قد راجعه وخرج أحاديثه، وهو لكثرة مشاغله لم يفعل. فكتبت هذه الكلمة حتى لا ينسب أحدٌ قولاً إلى أخي لم يقله، وعسى أن أقع في خطأ أخي برئ منه، هذا مع الفرق الواضح بين تخريج إمام قد استقل بمذهبه، ومشارك في علم يتعثر ويلتمس من الناس الإقالة) أهـ.
فقد أبان رحمه الله عن عمله غاية البيان فيما يتعلق بالأحاديث والآثار على وجه الخصوص، وأما سائر التعليقات اللغوية وغيرها فهو صاحبها في الكتاب كله.
وأختم بما كتبه أخوه العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تصديره للجزء الحادي عشر من تفسير الطبري حيث قال: (وبعد فقد كنت منذ بدأت العمل في هذا التفسير العظيم، تفسير الطبري، مع أخي السيد محمود محمد شاكر باذلاً جهدي في مراجعة بعض أسانيده، خصوصاً الأحاديث المرفوعة، مخرجاً منها ما استطعت تخريجه، ومبيناً منها ما أعجزني الوصول إليه. ثم تفضل أخي السيد محمود بمعاونتي في التخريج، فخرج الكثير من الأحاديث في كثير من الأجزاء. وهو أهل لذلك والحمد لله، بما أوتيه من دقة النظر والدأب على البحث، والثقة فيما ينقل عن الدواوين والمراجع.
وكنت ولا أزال مطمئناً إلى عمله واثقاً به، عن خبرة وبينة، حتى إذا شغلتني شواغل جمة منذ أول الجزء التاسع تفرد هو بالتخريج، كما بينه في مقدمة الجزء العاشر.
وقد رأى أخي ورأيت معه أن اشتراكي في التخريج - في أصول الكتاب قبل الطبع - قد يعوق ظهور الأجزاء متتالية على النحو الذي نريد، وأنا وأخي جد حريصين على ألا يتأخر إخراج الكتاب، ونريد أن نتفادى ذلك ما استطعنا. فرأينا منذ هذا الجزء الحادي عشر أن تكون مراجعتي الأحاديث في أعقاب طبع كراريسه، ثم أفرد ما بدا لي من زيادة في التخريج، وما أراه من رأي في بعض الأحاديث - وخاصة المرفوع منها - في قسم مستقل يطبع في آخر كل جزء ليكون تتمة التخريج، فنجمع بذلك بين المقصدين: إتمام التخريج، وتحقيق الأحاديث ومراجعتها. ثم الحرص على ظهور الكتاب في فترات متتالية دون تأخير، إن شاء الله) أهـ
وقد ألحق أحمد شاكر في نهاية الأجزاء الحادي عشر وما بعده تتمة للتخريج الذي قام به أخوه محمود فأبان عن قدم راسخة في دراسة العلل والأسانيد، وأضاف إضافات متميزة فاتت محمود رحمه الله.
وفي هذا تصديق لما ذكره الدكتور محمود الطناحي في جانب كبير منه، وتوضيح لعمل كل منهما رحمهما الله وغفر لهما، وشكر الله لأخي أبي بيان هذا التنبيه، ولأخي أبي عبدالملك حسن التعقيب والله الموفق.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[14 Oct 2004, 05:27 م]ـ
شيخي الفاضلين:
ما أجمل ما كتبتما,
وبه يكتمل الموضوع, وتحصل الفائدة,
ولعل أهم فائدة فيما كُتِب تمييز عمل كلّ من الشيخين في جانب التخريج؛
ليُنسَبَ العلم والفضل لأهله,
خاصة عند الإفادة في التخريج من عملهما.
والله الموفق.