تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jul 2006, 11:40 ص]ـ

ليأذن لي المشايخ الفضلاء بهذا التعقيب والتلخيص لما تقدم، فهذا الموضوع من الموضوعات المهمة لطالب العلم، ولحافظ القرآن، وللمفسر، وللفقيه والأصولي، وغيرهم:

أولاً: من الكتب التي صنفت في موضوع مقاصد السور:

1 - مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور للإمام البقاعي، ط. مكتبة المعارف بالرياض.

2 - أهداف كل سورة ومقاصدها في القرآن، للدكتور عبدالله شحاته رحمه الله، نشر الهيئة المصريه العامة للكتاب.

وأما كتاب العز بن عبدالسلام رحمه الله الذي اشار إليه الشيخ مرهف فعنوانه (نبذ من مقاصد الكتاب العزيز) وقد حققه وعلق عليه أيمن عبدالرزاق الشوا، ونشره المحقق عام 1416هـ. وهذا الكتاب ليس كتاباً مستقلاً للعز بن عبدالسلام، وإنما هو جزء ختم به المؤلف كتابه (الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز)، وهو كتاب بلاغي قلَّ التنبه لهذا الباب ضمن طياته، رأى المحقق فائدة إفراده بالنشر ففعل. وقد نقل أكثر مسائل هذا الكتاب العلماءُ الذين جاءوا بعد العز بن عبدالسلام كابن القيم في (بدائع الفوائد) وناقش كثيراً من مسائله، وكالزركشي في (البرهان في علوم القرآن)، والسيوطي في كتابه (معترك الأقران في إعجاز القرآن)، و (الإتقان في علوم القرآن). فمادته موجودة في هذه الكتب وغيرها. وأكثر كلام العز بن عبدالسلام في قواعد التفسير، ومقاصد السور، ورأيه في المناسبات بين السور، والاستشهاد بالشعر في تفسير القرآن موجود في كتابه هذا، وهو كتاب نفيس جدير بالدراسة والعناية لمكانة مؤلفه وتقدمه رحمه الله (ت660هـ).

ثانياً: أن عبارات العلماء في تحديد مقاصد السور مختلفة، فينبغي تحريرها، فأوائلهم لم يكونوا يُعنون بهذا الأمر في تفاسيرهم، وتجد عند الزجاج والرازي وابن تيمية وغيرهم عبارات تدل على ما تضمنته السورة من موضوعات، ولكنها لا تنص على لفظة (مقصد) السورة برمتها، وهي عبارات متفاوتة في دلالتها على مقصد السورة. ومن هذه العبارات:

- قول الزجاج عند حديثه عن سورة الأنعام: (أكثرها احتجاجٌ على مشركي العرب، على من كذب بالبعث والنشور) [معاني القرآن وإعرابه2/ 227].

- قول الرازي عن سورة الأنعام: (مشتملة على دلائل التوحيد، والعدل، والنبوة، والمعاد، وإبطال مذاهب المبطلين والملحدين) [تفسير الرازي6/ 117]

- قول ابن تيمية عن سورة التوبة: (أكثرها في وصف المنافقين وذمهم) [الفتاوى7/ 466]

ومن أول من نص على مصطلح (مقصد) أبو الزبير الغرناطي رحمه الله في (ملاك التأويل) و (البرهان في تناسب سور القرآن). يقول في أثناء حديثه عن سورة القمر: (سورة القمر بأسرها مقصودها تذكير كفار العرب من قريش وغيرهم بما نزل بمن تقدمهم من مكذبي الأمم) [ملاك التأويل2/ 1054، البرهان 230]. ثم استخدم هذا المصطلح العلماء بعده كالسيوطي وغيره، وجاء بعد ذلك الفيروز أبادي فأكثر من استخدامه في (بصائر ذوي التمييز) الذي أشار إليه الإخوة في أجوبتهم السابقة، غير أنه يعني بمقصد السورة ما تضمنته من موضوعات، دون تحديد للمقصد الحقيقي للسورة. وهذه المسألة الثالثة.

ثالثاً: وجوب التفريق بين مضمون السورة ومقصدها.

فالمضمون هو مجرد تعداد للموضوعات التي وردت في السورة، وهذا ما صنعه الفيروز أبادي في بصائره وغيره من المفسرين، في حين إن مقصد السورة هو الغرض والغاية التي يراد إيصالها للقارئ من السورة. والعلاقة وثيقة بين الأمرين، فلن تصل للغرض والغاية إلا بمعرفة موضوعات السورة إلا أن بينهما فرقاً يجب التنبه له، والعناية به.

رابعاً: البقاعي وكتابه مصاعد النظر.

يعد البقاعي المتوفى سنة 885هـ هو المُنظِّر الحقيقي لمصطلح (مقاصد السور) في كتابه (مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور)، فقد وصل إلى مقصد السورة بأسس منهجية اتبعها، وبينها، والقارئ لكتابه يخرج بملكة علمية في موضوع مقاصد السور، كما يتعرف على الأسس التي سار عليها البقاعي في استخراجه لمقصد السورة، دون أن يكون أسيراً لاجتهاد المؤلف دون معرفة لطريقة الوصول للمقصد. والبقاعي يبين في مقدمته للكتاب أن (كل سورة لها مقصد واحد يدار عليه أولها وآخرها، ويستدل عليه فيها، فترتب المقدمات الدالة عليه على أتقن وجه، وأبدع نهج، وإذا كان فيها شيء يحتاج إلى دليل استدل عليه، وهكذا في دليل الدليل، وهلم جرا. فإذا وصل الأمر إلى غايته ختم بما منه كان ابتدأ، ثم انعطف الكلام إليه، وعاد النظر عليه، على نهجٍ آخر بديع، ومرقى غير الأول منيع) [مصاعد النظر 1/ 155]

وقد أعاد وأفاض في بيان المقصد العام للسور، والمقاصد الفرعية لها، ودلالة أسماء السور على مقاصدها، وتداخل هذه المعطيات للوصول إلى المراد بأسلوب جدير بالدراسة والبحث، ولا أظنه يبقى مثل هذا الموضوع - منهج البقاعي في دراسة مقاصد السور من خلال كتابه مصاعد النظر - دون بحث ودراسة حتى الآن، غير أن قلة اطلاعي حالت دون معرفة ذلك.

وقد كان أبو حيان الغرناطي رحمه الله أشار إلى هذا المعنى في تفسيره، وابن الزبير الغرناطي، وغيرهما رحمهم الله، غير أن البقاعي كان رائداً في هذا العلم رحمه الله وغفر له. والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير