تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

? كم هي صورة رهيبة عندما يتخيل ويظن المؤمن المتبع لنهج رسوله والمقتفي لنهج صحابته الكرام بأن الله قد تخلى عنه وتركه جسدا ضعيفا بين انياب اعدائه يتناوشونه ولا يبقون منه سوى ذكراه بين الناس! كم هو اختبار اكثر من صعب يمتحن الله فيه المجاهدين والعصبة المؤمنة والبقية الباقية على وجه هذه الارض .. ولكنها السنة الكونية من جديد يا معاشر القراء .. وأقسم لكم ان معجزة الله الخالدة تجسد معانيها وصورها في كل لحظة من الزمن وفي كل زمان ومكان .. ! ولعل الذي يستكثره هذا الكلام لم يقرأ أو لعله نسي قوله تعالى وهو يجسد الواقع الجديد في سورة يوسف: (حتى اذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين).

يا الله .. ! إنها صورة رهيبة، مخيفة، مهولة، وعجيبة ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة جند الله واتباعه. وهم يواجهون الكفر واتباع الباطل .. وهكذا تتأزم حالهم .. وتتأزم .. وتتفتت وتتشرذم .. وتمر الايام وهم يدعون ولا يستجاب لهم الا قليلا، ثم تكرم عليهم الاوقات كالسيف والباطل في قوته وكثرة اهله .. والمؤمنون في عدتهم القليلة وقوتهم الضئيلة ما زالوا ينتظرون الوعد فلا يتحقق لهم .. فتهجس في خواطرهم .. هم الهواجس .. ويتساءلون في قلوبهم على استحياء (أترانا قد كذبنا)؟؟ يا الله أين نصرك لنا؟؟ ألم نقاتل من اجل اعلاء دينه ودولته؟ لماذا حالنا صار اليوم شذر مذر؟! لماذا اصابنا هذا الريح العاصف؟! الله اكبر يا ناس!! ان الذي يتساءل مثل هذه الاسئلة هم الانبياء؟!! تخيلوا الأنبياء؟؟ ليرد عليهم ربنا ويقول: (أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين من قبلكم؟! مستهم البأساء!! والضراء!! وزلزلوا!! حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله)؟! ثم يأتي الجواب الشافي في مقام آخر (جاءهم نصرنا فنجي من تشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين) .. يا الله هذا هو حال الانبياء واتباعهم في كل زمان؟!

? ولكن لماذا هذه الرجة الكبرى في حق اتباع الله واهله؟! لماذا هذه الهزة العنيفة؟! الاجابة لأن دولة الله ليست رخيصة فتأتي رخيصة وسهلة! ولو كان النصر رخيصا لقام في كل يوم داعيا بدعوة لا تكلفه شيئا اللهم سوى القليل .. ويتوج نفسه بعدها آية للناس لتقوم بعدها دولة الحق المزعومة .. ولكن حاشا الله ذلك ودعوة الحق التي يريدها الله لا يجوز ان تكون عبثا ولا لعبا فانما هو دينه سبحانه ودولته التي يريدها ان تقوم فيعبد فيها حق عبادته .. وينبغي صيانتها وحراستها من الأدعياء .. والادعياء لا سيما من اهل الضلال والانحراف عن منهج الرسول وصحابته الاطهار لا يتحملون تكاليف الدعوة اليها .. بل هم مخذولون من الله اصلا .. ومن اجل هذا يضع الله اهله وخاصته على محك الشدائد التي لا يصمد لها الا الواثقون الصادقون .. الذين لا يتخلون عن دعوة الله الى آخر رجل فيهم .. فاما النصر او الشهادة .. فان انتصروا فقد عجل الله بقيام دولته .. وان استشهدوا وماتوا فالله كفيل بدينه .. وان المستقبل لهذا الدين كما وعد الله في كتابه .. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث: «لا يزال من امتي أمة قائمة بأمر الله ما يضرهم من كذبهم ولا من خذلهم او خالفهم حتى يأتي امر الله وهم ظاهرون على الناس» .. رواه البخاري ومسلم واحمد والترمذي ..

? وختاما. اي قرح او اذى يصيب المؤمنين .. فانما هو دليل خير يقول تعالى: (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين).

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير