تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سادت هذه الفكرة طويلاً في أوربا , ثم بدأتِ الدِّرَاسَاتُ الوصفيَّةُ البدائيَّةُ لبعض اللغاتِ في القرن الثامن عشر، وفي هذه الفترة من عام 1786م تم اكتشاف اللغةِ السنسكريتية على يد (وليم جونز) , حيث وجد - من خلال معرفته باللغات - أوجُهَ تشابهٍ وروابطَ وثيقةً بين اللغة السنسكريتية واللغة اللاتينية واللغة الإغريقية , فتوصَّلَ إلى فكرةِ أنَّ هذه اللغات ترجِعُ إلى أصلٍ واحِدٍ , فهيَّأ بذلك الأذهان لتَقَبُّل فكرة الدراسات اللغويَّةِ المقارنة أو المنهج المقارن للتَّوصُّلِ إلى معرفةِ أوجُهِ التَّشابُهِ والاختلافِ بينَ اللغاتِ، وبالتَّالي محاولة بناء اللغةِ الأمِّ التي انحدرت منها اللغاتُ الشَّقيقةُ.

إلاَّ أنَّ تاريخَ الدِّراساتِ اللغويَّةِ يدلُّنا على أنَّ (وليم جونز) قد سُبِقَ إلى اكتشافِ هذه الأمورِ، فقد تحدَّث (فُلكانيوس) قَبْلَه عن السنسكريتية حين وازن بينها وبين لغة الغجر , وكذلك فعل الإيطالي (ساسيتي) الذي قارن بينها وبين الإيطالية، ولاحظ التَّطَابُقَ الصَّرِيحَ بين السنسكريتية والألمانية والكرواتية.

في عام 1763م طلب القسُّ (بارتلمي) إلى تلميذه في الهند أن يُزَوِّده بمعجم للغة السنسكريتية ويعطيهِ شيئاً عن قواعدها , وبعد أن اطَّلع عليها تَعَجَّبَ من هذا التَّقَارُبِ والتَّشَابُهِ بينها وبين اليونانيَّةِ , فقال: (وكيف تَوَفَّر في اللغة السنسكريتية هذا العدد العديد من المفردات المشتركة بينها وبين اليونانيَّةِ وبخاصةٍ اللاتينيةِ؟!).

وقد ألَّفَ الرَّاهِبُ (بارتلمي) كتاباً في القواعد السنسكريتية طُبِعَ في روما عام 1797, كما ألَّفَ كتاباً آخر عام 1799م بعنوان (في قِدَم اللغة الفارسية والسنسكريتية والجرمانية والتشابه بينها).

وقد قدَّم (وليم جونز) هذا التَّشَابُهَ في بحثٍ له قَدَّمه للجمعية الآسيوية التي أسَّسَها في البنغال , حيثُ قالَ: (إن للغة السنسكريتية - مهما كان قِدَمُها - بُنْيَةً رائعةً أكمَلَ من الإغريقية , وأغنى من اللاتينيَّةِ , وهي تَنُمُّ عن ثقافةٍ أرقى من ثقافة هاتين اللُّغَتَينِ).

ثم قام المستشرق (سلفستر دي ساسي) بإحياء مركزٍ للأبحاث في باريس تابعٍ لمدرسةِ اللُّغَاتِ الشَّرقِيَّةِ منذ عام 1796م، وتوافد اللغويُّونَ الألمانُ إلى هذا المركز للاطِّلاعِ على اللغة السنسكريتية , فاستقبل (دي ساسي) في هذا المركز عدداً من اللغويين , منهم: الأخوان شليغل , وهمبولدت , وفرانز بوب وغيرهم، وقد برزت فكرة الدراسات المقارنة على يد فرانز بوب.

المنجزات اللغوية في القرن التاسع عشر (قرن الاستعمار)

ازدهرت في العقود الأولى من القرن التاسع عشر الدراسات المقارنة المُكَثَّفةُ والنَّاجِحَةُ , وانصبَّت بحوثُ المُقارِنين على اللغات التي تنتمي إلى الأُسرَةِ الهندوأوروبية , وكانوا أقلَّ اهتماماً باللغات المُنْتَمية إلى الأُسَرِ اللغويَّةِ الأخرى رغم أنها كانت معروفةً جيِّداً لهؤلاءِ المقارنينَ , إلاَّ أنها لم تَحْظَ باهتمامهم إلاَّ في نهاية القرن التَّاسِعَ عَشَر.

اتسع في هذا القرن نطاقُ المعلومات اللسانية المعروفةِ والوافدةِ من خارج أوربا، وكانت معرِفَةُ اللغات الأخرى تُشَكِّل إلهاماً بالنسبة إلى همبولدت، كما تميَّز هذا القرن بظهور النَّزعَةِ النَّفسِيَّةِ في اللسانيَّاتِ.

في السَّبعِينِيَّاتِ من هذا القرن ظهر ما يُسَمَّى بـ (النُّحاة الشباب) أو (مدرسةِ النَّحويِّينَ الشَّبابِ) في ألمانيا؛ وتسلَّمُوا زِمَامَ القِيَادَةِ في الدِّرَاسَاتِ اللسانِيَّةِ في نهاية القرن التَّاسِعَ عشر لاسيَّما في ألمانيا , واتَّبَعُوا المنهجَ التَّارِيخِيَّ المقارن الذي اكتسب على أيديهم طابَعَهُ المنهجيَّ وأُسُسَهُ النَّظَرِيَّةَ.

الدراسات المُقارنة في القرن التاسع عشر

نشأت هذه الدِّرَاسَاتُ مع اكتشاف اللغة السنسكريتيَّةِ , وذلك حين راح اللغويون يُقارِنون بينها وبين اللغات الأوربية.

ويُعَدُّ اللغويُّ فرانز بوب (1791 – 1867م) مؤسِّس النحو المُقارَن , ففي عام 1816م ألَّف كتاباً سمَّاهُ (نظام التصريف في اللغة السنسكريتية).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير