وتتشكل في الأساسِ مِن لسانيِّي اللُّغَاتِ السلافيَّة , ويطلق عليها اليوم اسم (اللِّسانيَّات الوظيفيَّة) لأنها تَهتَم ُّبالطَّرِيقَةِ التي تُؤدِّي بها الوحدةُ الصوتيَّةُ وظيفتَها , كما يُطلق عليها أيضاً تسمية (المدرسة الفونولوجية) لاهتمامِ أنصارها بالفونولوجيا.
ولهذه المدرسة تأثير كبير في تطوُّرِ اللِّسَانِيَّاتِ , وهي تمثِّلُ البنيويَّةَ أكثرَ مِن غيرِها وتُعَدُّ المُمَثِّلَ الحقيقيَّ لها , وعُرِفَ أنصارها بالاعتدال و عدم التطرُّفِ، و الابتعاد عن التجريد في اللغة , كما أنهم لم يُهملوا المعنى كما فعل ليونارد بلومفيلد.
3 - المدرسة الغلوسيميَّة
وتُعْرَف بالسُّوسيرِيَّةِ المُحدَثةِ , وتميل إلى التَّجريد والتَّحليلِ المنطقِيِّ باستخدام الطُّرُقِ الرِّيَاضِيَّةِ , وهي مَدِينَةٌ لتعاليم دي سوسير والمنطق الرَّمزي، ومن أهم رُوَّاد هذه المدرسة اللغوي الدانمركي لويس هيلمسليف.
البنيوية في أمريكا
خرجتْ من جامعة (ييل) أو (يال) , وتأسَّستْ على يد عدد من اللغويين منهم ليونارد بلومفيلد.
تمتاز المدرسة البنيويَّةُ الأمريكيَّة بالمنهج التَّوزِيعِيِّ في التَّحلِيلِ , وقد عُرِفَتْ هذه المدرسةُ بأسماءٍ أُخرى من مثل جامعة ييل، وأصحاب بلومفيلد، والتوزيعيُّون.
لم يكن بلومفيلد البنيويَّ الوحيدَ في اللِّسانيَّاتِ الأمريكيَّةِ، بل كان يقفُ إلى جانبهِ كلٌّ مِن بوَاز وإدوارد سابير، أمَّا بواز فقد درسَ في ألمانيا وعزمَ على التَّخصُّصِ بالفيزيولوجيا، لكنَّ اشتراكَهُ في البعثاتِ الاستكشافيَّةِ إلى القطبِ الشمالي غيَّرَ خُطَطَهُ وجعله يهتمُّ بدراسةِ لغة الإسكيمو والهنودِ الحمرِ في أمريكا الشماليَّةِ، وتوصَّلَ إلى نتيجةِ أنَّهُ لا توجَدُ شُعوبٌ متخلِّفةٌ ولا توجَدُ لغاتٌ متخلِّفةٌ.
يشكِّل انتقال اللغوي رومان ياكبسون - ممثل مدرسة براغ - إلى الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية حَدَثاً بارزاً في تاريخ اللسانيات البنيوية , إذِ استطاع أنْ يجعل من جامعة هارفرد مركزاً متميزاً من مراكز مدرسة براغ اللغوية , إذ جرى فيها تدريبُ جيلٍ جديدٍ مِنَ اللِّسانِيِّينَ المُحدَثين , وانتشرت آراؤُهم في الفونولوجيا بشكلٍ خاصٍّ.
مدرسة كازان (أو حلقة كازان اللغوية)
يُطلَقُ اسمُ مدرسةِ (كازان) اللغويَّةِ على الأفكار التي طوَّرها في سبعينيات القرن التَّاسِعَ عشر كُلٌّ من بودوان دي كورتيني و نيكولاي كروشيفسكي.
تبلورت أفكارُ هذِهِ المدرسةِ في مُحاضَرَاتِ دي كورتيني التي ألقاها في جامعةِ كازان , و كانت تتَّسِمُ بالجِدَّةِ في ذلك الوقت , لكنها لم تأخذ حقَّها في الانتشار إلاَّ مؤخَّراً بسبب البُعدِ الجُغرافِيِّ لِمَدِينَةِ (كازان) , ولأنها كُتبَتْ في أغلبها باللُّغَةِ الرُّوسِيَّةِ التي لم تكن منتشرةً آنذاك في أوربا.
أكَّد كلٌّ مِن دي كورتيني و كروشيفسكي الحاجة إلى التمييز بين كلٍّ مِنَ اللُّغَةِ (الجماعيَّةِ) والكلام (الفردي).
كانَ بودوان دي كورتيني لا يفضل إطلاق اسم (مدرسة) على جماعته اللغوية , بل كان يُفَضِّل عليها اسم (حلقة)، وقد كان منذ صغره مولَعاً بالرياضيات و اللسانيات , فانتسب في سِنِّ السَّادِسَة عشرةَ إلى جامعة وارسو في بولندا , وبدأ في دراسة فيزيولوجيا الأصوات إلى جانب اللغة السنسكريتية واللغة اللِّتوَانِيَّةِ واللغات السلافيَّة.
ألَّف كتاباً عن تاريخ اللغة البولنديَّةِ , وظهر هذا الكتاب عام 1868م بعنوان (بعض حالات القياس في تصريف اللغة البولندية) تحدَّث فيه عن التَّغَيُّرَاتِ الصَّوتِيَّةِ , ولأوَّل مرة يجري الحديث عن التغيُّرات النَّفسِيَّةِ في اللُّغَةِ.
بعد أن تخرَّج دي كورتيني مِن جامعة وارسو سافر إلى براغ و برلين , ثم ذهب إلى بطرسبرغ , وعمل في إعداد أطروحة الدكتوراه عن اللغة البولندية القديمة , ثم عمل في القواعد المقارِنة للُّغاتِ الهندوأوروبية في جامعة بطرسبرغ. وقد اهتم بالصَّوتِيَّاتِ و صِلَتَها بفيزيولوجيا الأصوات إلى جانب المقارَنَةِ بين اللُّغَاتِ.
¥