ـ[د. أبو أسامة السامرائي]ــــــــ[23 - 02 - 2009, 08:12 م]ـ
أختنا الكريمة وفقك الله
لي وقفة صغيرة جدا
تعبيرك عن أبي علي الفارسي بقولك الفارسي لوحدها لا يستساغ لأنه عرف بـ (أبي علي الفارسي) وربما عرف كذلك عند غير واحد بـ (أبي علي النحوي) فتعريف العالم ينبغي أن يكون بأشهر ما عرف به ......... ووفقك الله ونفع بك
ـ[ابنة الإسلام]ــــــــ[23 - 02 - 2009, 09:23 م]ـ
شكر الله لكم أستاذي الكريم هذه اللفتة، وكنت أظن أن الفارسي هو أشهر ماعرف به هذا العالِم، نفع الله بعلمكم دوما وجعلكم مباركين أينما كنتم، ولا أستغني عن توجيهاتكم.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[25 - 02 - 2009, 03:07 ص]ـ
أساتذتي الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} البقرة6
أعرب الفارسي (سواء) مبتدأ، وجملة (أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ) خبر. ثم قال:
"فإن قلت: كيف جاز أن تكون الجملة التي ذكرتها من الاستفهام خبرا عن المبتدأ وليست هي هو ولا له ذكر فيها؟
فالقول في ذلك أنه كما جاز أن يحمل المبتدأ على المعنى فيجعل خبره ما لا يكون إياه في المعنى ولا له فيه ذكر، كذلك جاز في الخبر؛ لأن كل واحد منها يحتاج أن يكون صاحبه في المعنى، فما جاز في أحدهما من خلاف ذلك جاز في الآخر.
وذلك قولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، ألا ترى أن (خيرا) خبر عن (تسمع) وكما أخبر عنه كذلك عطف عليه في قولهم: تسمع بالمعيدي لا أن تراه، والفعل لا يعطف عليه الاسم كما لا يخبر عنه؛ إلا أن المعنى لما كان على الاسم استجيز فيه الإخبار عنه والعطف عليه، وجاز دخول لا على الاسم من غير تكرير، كما جاز في قولهم: هذان لا سواء، لأن الخبر لم يظهر في الموضعين جميعا.
ونظير ما في الآية من أن خبر المبتدأ ليس المبتدأ ولا له فيه ذكر ما أنشده أبو زيد:
فإن حراما لا أرى الدهر باكيا على شجوه إلا بكيت على عمرو"الحجة 1/ 175،176
وذكر السهيلي علتهم، قال: " فأجابوا عن هذا بأن قالوا: سواء مبتدأ في اللفظ وهو في المعنى خبر لأن المعنى سواء عليهم الإنذار وتركه ولا يلزم أن يعود من المبتدأ ضمير على الخبر، فلما كان خبرا في المعنى دون اللفظ روعي ذلك المعنى كما لم يعد على (ضربي) من قولك "ضربي زيدا قائما" ضمير من الحال التي سدت مسد الخبر، لأن معناه أضرب زيدا أو ضربت زيدا، والفعل لا يعود عليه ضمير وكذلك "أقائم " أخوك " لأن أخوك وإن سد مسد الخبر فإنه فاعل في المعنى وقائم معناه كمعنى الفعل الرافع للفاعل فروعيت المعاني في هذه المواضع وترك حكم اللفظ إلا من جهة الرفع بالابتداء فهي كلها مرفوعة بالابتداء متضمنة لمعنى يخالف معنى الابتداء المخبر عنه فحكم لذلك المعنى فلم يعد على اللفظ ضمير " نتائج الفكر:429
وقال السمين الحلبي: " ولم يحتج هنا إلى رابط لأن الجملة نفس المبتدأ " الدر المصون 1/ 103
فهمت ما ذكره السهيلي لكن ما ذكره الفارسي كأنه يصلح أن يكون علة لمن جعل جملة (أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ) مبتدأ أم أني لم أفهم قوله؟
وما ذهب إليه السمين أظنه غير صحيح، إذ ليست الجملة هي المبتدأ في المعنى وهو ما نص عليه الفارسي سابقا، فما رأي أساتذتي؟
وعليكم السلام ورحمة الله
قول الفارسي _ ولا ضير من عدم ذكر الكنية أبي علي_ مبنيّ على أن جملة الاستفهام لا تنسبك بمصدر، ولذلك فهي في حكم النكرة، فجعلها خبرا وجعل (سواء) مبتدأ، والتقدير: ما هو سواء عليهم أمران: إنذار وترك إنذار، كما تقول: الجرح نوعان جرح باللسان وجرح بالسنان، فأخبر عما هو سواء بالإنذار وترك الإنذار، وهو أشبه أن يكون من باب الإخبار بالجامد عن الجامد.
وعلل الفارسي خلو جملة الخبر من العائد مع أنها ليست المبتدأ بأنه كما أجازوا أن يكون المبتدأ جملة والخبر مفردا دون أن يكون المبتدأ هو الخبر في المعنى، ودون أن يكون للمبتدأ ذكر في الخبر في نحو: تسمع بالمعيدي خبر من أن تراه=أجازوا أن يكون الخبر جملة والمبتدأ مفردا دون أن يكون إياه في المعنى ودون أن يكون فيه ذكر للمبتدأ، على سبيل التعادل.
وكذلك قول الشاعر فإن حراما .... جاء الخبر فيه جملة (لا ارى الدهر باكيا) وهي ليست اسم إن في المعنى وليس فيها ضمير يعود لحرام.
وقول السهيلي مختلف عن قول الفارسي في توجيه الخلو من الضمير العائد لا في إعراب سواء.
أما قول ابن عاشور فلا يصح، لأنه لم يرد عنهم أن المصدر المبتدأ يرفع الفاعل الذي يسد مسد الخبر، نعم يجوز أن يرفع سواء المصدر المنسبك من همزة الاستفهام والفعل عند من يرى جواز ذلك، ويكون سواء عندئذ خبرا لإن لا مبتدأ، والتقدير: إن الذين كفروا مستوعليهم إنذاركم لهم وترك الإنذار، كما تقول: إن زيدا مكرِم عنده أخوه عمرا.
وقول الفارسي أكثر اتساقا مع قواعد النحو وأسسه، وإن كان المعنى يقوي مذهب من جعل الجملة في تأويل المصدر، وجعل سواء خبرا.
مع التحية الطيبة.
¥