12 - خطَّأ أن يّقال: (يرحمه الله)، وزعم أن الصواب (رحمه الله) [العدد 70]. وهذا قولٌ منكَر؛ فقد قال الله تعالى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif يغفر الله لكم http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif ، وأمرنا النبي http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif أن نشمّت العاطس بـ: (يرحمكم الله). ويبدو أن الكاتب إذا عطس عندهُ عاطس، وقال: ( http://www.ahlalloghah.com/images/up/i_6.gif ) ، قال له: (رحمك الله). ومن الشعر أيضًا قولُ الحماسيِّ:
يرحمك الله من أخي ثقةٍ ... لم يك في صفو وده كدَرُ
وقول محمد بن يسير:
صارَ اليسيريُّ إلى ربِّه ... يرحمنا الله وإيَّاه
وقول مجنون بني عامر:
يا ربِّ لا تسلبنّي حبّها أبدًا ... ويرحم الله عبدًا قال: آمينا
وثم شواهد غير ذلك كثيرةٌ.
ووجه ذلكَ من النظر أنَّ الأصلَ في الدعاء أن يكون بصيغةِ الأمرِ؛ ولكنَّه ربَّما خرجَ عن ذلك لغرضٍ بَلاغيّ؛ فجاءَ على صيغةِ الماضي كما هو معلومٌ، أو على صيغةِ المضارعِ كما مثلنا، أو جملةً اسميةً، كتحية الإسلام: (السلام عليكم)، وكقول عبدة بن الطبيب:
عليك سلامُ الله قيس بن عاصم ... ورحمتُه ما شاء أن يترحما
وقول عاتكة بنت زيد ترثي عمر http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg :
جسدٌ لُفِّف في أكفانِه ... رحمة الله على ذاك الجسدْ
وقول كعب بن سعد الغنويّ:
كمُلقى عظام، أو كمهلك سالمٍ ... ولستَ لميتٍ هالكٍ بوصيلِ
وهذا دعاءٌ له بطولِ السلامةِ.
فأما إذا جاء على صيغة الماضي، فإنما يكون تفاؤلاً، ورجاءَ أن يقعَ، فيكونَ ماضيًا حقًّا، كما نُزِّل المستقبَل منزلةَ الماضي ثقةً بتحقُّقه، وتصديقًا له؛ قال تعالى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif ونُفِخ في الصور http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif . وأمَّا إذا جاء على صيغة المضارع، فإنما ذلك لأحدِ وجهينِ؛ أحدُهما أن نجعلَ المضارعَ دالاً على الزمن المستقبَل، كما قال تعالى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif يعذب من يشاء ويرحم من يشاء http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif ؛ فيكون بمنزلة ما لحقته أداة التسويف؛ كأنك قلتَ: (سيرحمه الله) ليس تحقيقًا؛ ولكن تفاؤلاً وطمعًا. والآخَر أن نجعلَ المضارعَ دالاًّ على الحالِ – لأن المضارعَ صالحٌ للدلالة على الزمانين -؛ فيكون هذا من بابِ الحكايةِ، كما قال تعالى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif ؛ كأنك انتقلتَ إلى المستقبَل، فحكيتَ ما تَرى. وأما إذا جاء جملة اسمية، فإنما ذلك ليفيد التمكن، والثبوتَ، كما قال تعالى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif http://www.ahlalloghah.com/images/up/i_6.gif رب العالمين http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif ؛ كأنَّه انتقلَ من كونِه طلبًا إلى كونِه خبرًا واقعًا. وهذه أضربٌ مختلِفةٌ من البلاغة، في بعضها حسنُ التصويرِ، وفي بعضها الآخَر مبالغَةٌ تقوِّي المعنَى، وتمكِّن له. وكلاهما منفذٌ إلى إفهام المخاطب، وإقناعه.
13 - ذكر أنه يجوز أن تقول في (أوفِ بنذرك): (أوفي بنذرك) [العدد 109]. وهذا قول بلا علمٍ؛ فإن (أوفِ) فعل أمر معتلّ الآخر؛ فيجب حذف آخِره، إلا في ضرورة الشعر.
14 - قال: (ويكون على وزن اسم المفعول " والموفُون ") [العدد 109]. وهذا خطأ؛ فإن (الموفون) اسم فاعل، لا مفعول.
أكتفي بهذا؛ على أني لم أذكر من الأخطاء إلا ما كان خطأ صريحًا، لا شبهةَ فيهِ، ولا تأويلَ، ولا خلافَ عندَ مَن يُعتدّ به من أهل العلم. وتركت غيرَ ذلك شيئًا كثيرًا.
http://www.al-jazirah.com/culture/20...09/madak55.htm (http://www.al-jazirah.com/culture/2009/23022009/madak55.htm)
[ تصرفت المجلَّة في العنوان كما ترى]
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[24 - 02 - 2009, 08:08 م]ـ
بوركت أخي الحبيب أبا قصي
لا أشك أن في المراجعة والتصحيح منفعة في العلم ومنهج التلقي والطرح.
أشكر لك هذا التناول الهادئ والمعالجة الرصينة للمشكلات التي عرض لها الشيخ صالح.
وفقك الله إلى كل خير ونفع الله بعلمك العربية وأهلها.
ـ[أبو قصي]ــــــــ[25 - 02 - 2009, 01:39 م]ـ
أشكر لك أخي الحبيب الدكتور أبا أوس.
حقٌّ ما ذكرتَ؛ فلو أخذ كلٌّ منا نفسَه بمراجعة ما يكتبه غيرُه، ونقدِه، وإظهارِه على خطائِه، وزللِه، لوجدتَّنا أحسنَ ممَّا نحن عليه الآنَ.
ومن عجَبٍ أن تمرَّ هذه الأخطاء البيِّنة على كثيرٍ من القرَّاءِ سنواتٍ ذواتِ عددٍ، ولا يقومُ أحدٌ منهم ببيانها، إلا رجلاً أو رجلين، أحدُهما أنتَ. وهذا يدلّ على أن الناس لا يقرءون، أو يداهنون، أو لا يعلمون. وفي ذلك كلِّه ضياعٌ للعلم.
¥