تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

11 - أما قولك: كذلك ما جعلوه حديثاً وليس بحديث قول سيبويه: (وإن شئت قلت: ما رأيت أحداً أحسن في عينه الكحل منه .. ).

فأقول: ذكره سيبويه في الكتاب (2: 31) وأنا ما رأيت أحداً من النحاة جعله حديثاً.

إنما يطلقون عليه: والمثال المشهور للمسألة، أو قولك، أو قولهم. انظر «شرح التسهيل» لابن مالك (3: 65) و «شرح الكافية الشافية» (2: 1140) و «شرح الرضي لكافية ابن الحاجب» (2: 220)، و «تعليق الفرائد» (7: 283) و «شفاء العليل» (2: 619) و «همع الهوامع» (2: 101) وغير ذلك. كما أنه غير موجود في دواوين الحديث البتة لا مرفوعاً ولا موقوفاً.

12 - أما قولك: (ما من أيام أحبَّ إلى الله فيها الصومُ من عشر ذي الحجة) فالحديث هو الذي رواه الترمذي: (ما من أيام العمل الصالح فيهنّ أحبّ إلى الله من هذه الأيام العشر). ولا يتحقق فيه الشاهد. ا هـ

فأقول: قال سيبويه في الكتاب (2: 31 – 32):ومثل ذلك: (ما من أيام أحبَّ إلى الله – عز وجل – فيها الصومُ منه في عشر ذي الحجة).

قلت في «ارتكاز الفكر النحوي على الحديث» الشاهد (53): لم أقف على هذا اللفظ في كتب الحديث، ولكن وقفت على ما يقاربه وفيه الشاهد، وهو ما أخرجه «الترمذي» في «جامعه» (758) يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلّم - ولفظه: «ما من أيام أحبَّ إلى الله أن يُتَعَبَّدَ له فيها من عشر ذي الحجة». كلمة (الصوم) في نص سيبويه غير موجودة في روايات الحديث، لكنّنا نرى ما يحل محلها من المصدر المؤول وهو «أن يُتَعَبَّدَ» وهو فاعل لاسم التفضيل (أحبَّ)(أحبَّ) صفة لـ (أيام).

وكثير من النحاة جعلوه حديثاً.

وقولك: ولا يتحقق فيه وجه الاستشهاد.

أقول: رواية الترمذي التي أوردتُها فيها الشاهد كما أوضحته.

وقولك: «أما عن الصوم ... إلى قولك: صائماً في العشر قط».

أقول: ما قلتَه صحيحٌ بخصوص الصوم. ولكن في اللفظ «أن يتعبّد» عموم فتكون هذه الأيام من المواسم الشرعية لأنواع الطاعات، وفيها فضلٌ عظيم ومضاعفٌ من صوم وصلاة وتكبير واستغفار وذِكْر وغيرها. انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (25: 287) و «الدين الخالص» (8: 409).

وعلى كلٍّ فليس موضوعنا فقهيًّا، وإنما هو مرتبط بالألفاظ، فألفاظ هذا الحديث واردة في كتب الأحاديث عدا كلمة (الصوم).

13 - قولك: ما جاء في كتاب سيبويه موافقاً لألفاظ بعض الأحاديث لم ينصّ سيبويه ولا في موضع أنه حديث، وإنما يرويه على أنه من أقوال العرب ...

أقول: أنا معك فيما قلتَه، ولذا ألَّفت هذا الكتاب، ولو صرّح سيبويه بالأحاديث لما كنت أتعبت نفسي في البحث والتنقيب والتخريج. هذا أوّلاً.

ثانيًا: إذا ورد على لسان أحد العلماء حديث أو أثر، وهو يدري أو لا يدري أنه حديث ألا يحق لي أن أقول عنه: هذا وَرَدَ في كتب الحديث أو الآثار؟! وهذا ما فعلتُه.

ثالثًا: كان الناس في زمن سيبويه قريباً عهدهم بالإسلام، ولغة الرسول - صلى الله عليه وسلّم - وأصحابه – رضي الله عنهم – انتشرتْ على الألسنة، عَلِمَ الناسُ بذلك أو لم يعلموا، وسيبويه شافه العرب والأعراب فروى عنهم. وقد وجدتُ هذا الكلام تشرَّف بمروره من شفتي رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - فقلت: هذه كلمةٌ أو جملةٌ من حديثٍ أو أثرٍ ذُكرتْ في دواوين السنة، فما الذي يمنع من ذلك؟

رابعًا: نرجع إلى اللهجة الدارجة فنرى أنه ينطلق على ألسنة الناس العامّة كلمات أخذوها وتناقلوها بينهم، وأصلُها من العلماء، مثل قولهم عن أمرٍ فات أوانُهُ: ذهبَ في خبر (كان).

ومثل قول مَنْ تطلبُ منه أمراً فيعِدُكَ بالرَّجاء: عسى ولعلّ.

ومثل قولهم: لا تفتح الخزانةَ ولا تكسرِ الصَّحاح.

ومثل قول بائع الكتب: بِعِ اللحية واشترِ الإحيا (ترغيب في شراء كتاب إحياء علوم الدين).

ومثل قولهم: القرآن قاموس الفقراء (ترغيب الآباء للأبناء في حفظ القرآن) إلخ.

ألا يصح أن أقول: هذا أصله من كلام العلماء وإن سمعناه عرضاً من كلام العامة؟

خامسًا: الرجل قبل أن يُسْلِم نقول عنه: جاهليّ ومشرك، وبعد أن يَشْرُفَ بالإسلام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - وينطق بالشهادتين ويعاهده ويستمر على ذلك، ألا يكونُ صحابيّاً، أو أنه يبقى على صفته قبل الإسلام؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير