تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[دور الرتبة في السليقة اللغوية]

ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[04 - 09 - 2010, 08:55 م]ـ

[دور الرتبة في السليقة اللغوية]

ملاحظة: المقصود بالرتبة في هذا المقال هو (المعنى اللغوي والاصطلاحي معا) أي (الأهمية والموقع).

يقول الجرجاني- رحمه الله- في معرض رده على قول من يقول: لو كان النظم يكون في معاني النحو، لكان البدوي الذي لم يسمع بالنحو قط، ولم يعرف المبتدأ والخبر، وشيئامما يذكرونه، لا يتأتى له نظم كلام. وإنا لنراه يأتي في كلامه بنظم لا يحسنه المتقدم في علم النحو: أترى الأعرابي حين سمع المؤذن يقول:" أشهد أن محمدا رسولَ الله" بالنصب، فأنكر وقال: صنع ماذا؟ أنكر عن غير علم أن النصب يخرجه عن أن يكون خبرا ويجعله والأول في حكم اسم واحد، وأنه إذا صاروالأول في حكم اسم واحد، احتيج إلى اسم آخر أوفعل، حتى يكون كلاما، وحتى يكون قد ذكر ما له فائدة؟ إن كان لم يعلم ذلك، فلماذا قال:"صنع ماذا، فطلب ما يجعله خبرا؟

من هذه القصة يتضح ما يلي:

أولا: أن السليقة اللغوية تعني: أن العلاقة بين الكلمات تقوم على الطلب أو الاحتياج وعدم الاستغناء، وأن العربي يراعي منزلة المعنى وأهميته بين أجزاء الكلام، فهو يقول وهو يفكر ويفكر وهو يقول، فيرفع وينصب ويجر ويجزم بحضور الألفاظ،

فعندما يحرك شفتيه، وينطق بالعبارة، فإنه يمارس عملية اختيار على صعيد المعنى، ثم تتوالى الكلمات محققة انسجام العلاقات المعنوية القائمة على مبدأ الطلب أو الاحتياج.

ثانيا: أن تطبيق مبدأ الاحتياج بين أجزاء الكلام أو تجاهله أو إهداره يؤدي إلى تمايز الصحة النحوية والدلالية للتراكيب، حيث تتدرج التراكيب اللغوية بين الصحة والخطأ، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، من الصحة إلى الجواز إلى الخطأ، فثمة تعبيرات فصيحة صحيحة وتعبيرات غير صحيحة، فالفصيحة هي التي جرت على سنن العربية وقواعدها وأصولها القائمة على تطبيق مبدأ منزلة المعنى وأهميته، والغلط هي التي خرجت عن ذلك، كما أن التعبيرات الصحيحة أو الجائزة ليست على مستوى واحد في الفصاحة والحسن، فهناك تعبير أفصح من تعبير، فهي تتدرج في القوة والضعف حتى تصل إلى درجة الخبث أو الضعف الشديد، وذلك بحسب القرب أو البعد عن تطبيق مبدأ الاحتياج، أومراعاة منزلة المعنى وأهميته، فالكلام كما يقسمه سيبويه- رحمه الله - إلى "مستقيم ومحال، والمستقيم مستقيم حسن ومستقيم كذب ومستقيم قبيح، وهناك المحال والمحال الكذب ".

ثالثا: إن تقسيم سيبويه للكلام إلى" مستقيم ومحال، والمستقيم إلى: مستقيم حسن ومستقيم كذب ومستقيم قبيح، والمحال إلى المحال والمحال الكذب "يعتمد على مراعاة منزلة المعنى، فالمستقيم الحسن هوالكلام الذي انسجمت كلماته بعضها مع بعض معنويا، وهوالحد والوجه، كقوله: أتيتك أمس وسآتيك غدا، وهذا الكلام لاغبار عليه، لأن الكلمات يشتد ارتباط ثان منها بأول، أما المستقيم القبيح فيمثله بقوله: قد زيدا رأيت، وكي زيد يأتيَك، وهذا كذلك لا غبار عليه، لأنه قال: ويحتملون قبح الكلام حتى يضعونه في غير مواضعه، لأنه مستقيم ليس فيه تناقض " أماالمستقيم الكذب فقد مثله بقوله"حملت الجبل، وشربت ماء البحر، وهذا كذلك لا غبار عليه، وقديما قالوا: أعذب الشعر أكذبه، أما المحال: فأن تنقض أول كلامك بآخره، ومثله بقوله: آتيتك غدا وسآتيك أمس، وهذا عليه غبار، لأنه لم يراع مبدأ الطلب أو الاحتياج بين أجزاء الكلام،،والمحال الكذب فيمثله بقوله: سوف أشرب ماء البحر أمس، وهذا عليه غبار، لأنه لم يراع منزلة المعنى وأهميته، كذالك.

رابعا: قدّم الأعرابي "صنع" على "ماذا " بالأهمية، للتعبيرعن شدة دهشته واستنكاره لما صنعه المؤذن، ولوكان هذا الأعرابي في زماننا وقدّم "صنع"على "ماذا"التي لها صدر الكلام لاتهم وكلامه بالشذوذ أو الخطأ، ولوضعه في أقصى اليسار، مع أنه في أقصى اليمين، أو قريب منه، أما قال سيبويه: ويحتملون قبح الكلام حتى يضعونه في غير مواضعه، لأنه مستقيم ليس فيه تناقض ".

خامسا: أعتقد أن وصف سيبويه لجملتي" قد زيدا رأيت "و"كي زيد يأتيَك" بالقبح، ليس مناسبا،،فقد ورد شبه لهما في القرآن الكريم وهو في أعلى درجات الفصاحة والبيان، حيث قال تعالى"ولولا إذ سمعتموه قلتم مايكون لنا أن نتكلم بهذا " (النور 16) "فإن قلت: فأي فائدة في تقدم الظروف حتى أوقع فصلا؟ قلت: الفائدة فيه بيان أنه كان الواجب عليهم أن يتفادوا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به، فلما كان ذكر الوقت أهم وجب التقديم"، كما أنهما تحملان معنى التخصيص.

وهذا يعني باختصار أن الإنسان يستطيع أن يتكلم كما يريدعلى أن يراعي منزلة المعنى وأهميته، أو أن لا يحيل.

وكل عام وأنتم بخير

ـ[أبوعلي2]ــــــــ[04 - 09 - 2010, 10:04 م]ـ

السلام عليكم

أنا لم أفهم علاقة (الرتبة) بالمعنيين: اللغوي والاصطلاحي، ولا علاقة المعنيين المذكورين بالأهمية والموقع. فهلا وضحت لي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير