إن نعف عن طائفة منكم نعذبْ طائفة
ـ[الحطيئة]ــــــــ[13 - 08 - 2010, 05:25 م]ـ
في قوله تعالى (إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) التوبة 66
هل في هذه الآية أسلوب شرط؟
و إن كان نعم؛ فما علاقة تعذيب طائفة بالعفو عن طائفة أخرى؟
ـ[ناصر الدين الخطيب]ــــــــ[13 - 08 - 2010, 05:48 م]ـ
السلام عليكم
نعم أخي هو أسلوب شرط
وللعلم , لا يلزم في أسلوب الشرط أن يكون الجواب مسببا عن الشرط ونتيجة له , ولا أن يكون الشرط سببا في الجواب
فقد تقول: إن تكرمني فقد أكرمتك بالأمس
فالجملة السابقة شرطيّة لا غبار عليها , ولكن لا علاقة سببيّة بين الشرط وجوابه , فالإكرام بالأمس ليس مسببا عن الإكرام في المستقبل
ـ[بندر بن سليم الشراري]ــــــــ[13 - 08 - 2010, 06:10 م]ـ
نعم هو اسلوب شرط اكتمل شرطه وجوابه
والإشكال الذي ذكرته في العلاقة بين الشرط والجزاء يزول بمعرفة سبب نزول الآية, فإن النافقين الذين استهزؤوا بالله ورسوله, منهم طائفة ستبقى على نفاقها حتى تلقى الله فيعذبهم على ذلك, بمعنى أنه لو حصل توبة من بعض المستهزئين وتاب الله عليهم -كمخشي الأشجعي- فإن طائفة أخرى ستبقى على نفاقها. وهذا فيه تحقق وقوع العذاب على تلك الطائفة ومن علامة ذلك الوعيد توبة طائفة من المستهزئين, وهذا من الإعجاز القرآني أن يتوعد الله طائفة معينة بالعذاب ثم لا تحصل منهم توبة ورجوع مع هذا الوعيد الشديد , ومثل ذلك الإعجاز قوله تعالى {تبت يدا أبي لهب وتب ... } السورة فإنه كان بإمكان أبي لهب أن يقول ها أنا تبت , فيجل ذلك فتنة في تكذيب رسول الله لدى أتباعه, لكن تحقق وعيد الله فيه ببقائه على كفره وعداوته هو وزوجته.
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[13 - 08 - 2010, 06:31 م]ـ
يقول الأوسي في تفسيره
ومن الناس من استشكل الشرطية من حيث هي بأنه كيف يصح أن يكون {نُعَذّبْ طَائِفَةً} جواباً للشرط السابق ومن شرط الشرط والجزاء الاتصال بطريق السببية أو اللزوم في الجملة وكلاهما مفقود في الجملة، وقد ذكر ذلك العز بن عبد السلام في أماليه ونقله عنه العلامة ابن حجر في ذيل الفتاوي وذكر أنه لم ير أحداً نبه على الجواب عنه لكنه يعلم من سبب النزول، وتكلم بعد أن ساق الخبر بما لا يخلو عن غموض، ولقد ذكرت السؤال وأنا في عنفوان الشباب مع جوابه للعلامة المذكور لدى شيخ من أهل العلم قد حلب الدهر أشطره وطلبت منه حل ذلك فأعرض عن تقرير الجواب الذي في الذيل وأظن أن ذلك لجهله به وشمر الذيل وكشف عن ساق للجواب من تلقاء نفسه فقال: إن الشرطية اتفاقية نحو قولك: إن كان الإنسان ناطقاً فالحمار ناهق وشرع في تقرير ذلك بما تضحك منه الثكلى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأجاب مولانا سري الدين: بأن الجزاء محذوف مسبب عن المذكور أي فلا ينبغي أن يفتروا أو فلا يفتروا فلا بد من تعذيب طائفة، ثم قال: فإن قيل هذا التقدير لا يفيد سببية مضمون الشرط لمضمون الجزاء. قلت: يحمل على سببيته للأخبار بمضمون الجزاء أو سببيته للأمر بعدم الاغترار قياساً على الأخبار، وقد حقق الكلام في ذلك العلامة التفتازاني عند قوله تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قَلْبِكَ} من سورة البقرة في حاشية الكشاف.
وفي قراءة عاصم استشكال آخر
يقول أبو حيان في البحر
وقرأ زيد بن ثابت، وأبو عبد الرحمن، وزيد بن علي، وعاصم من السبعة: إن نعف بالنون، نعذب بالنون طائفة. ولقيني شيخنا الأديب الحامل أبو الحكم مالك بن المرحل المالقي بغرناطة فسألني قراءة من تقرأ اليوم على الشيخ أبي جعفر بن الطباغ؟ فقلت: قراءة عاصم، فأنشدني:
لعاصم قراءة ... لغيرها مخالفة
إن نعف عن طائفة ... منكم نعذب طائفة
وقرأ باقي السبعة: إن تعف تعذب طائفة، مبنياً للمفعول. وقرأ الجحدري: أن يعف بعذب مبنياً للفاعل فيهما، أي: أن يعف الله. وقرأ مجاهد: أن تعف بالتاء مبنياً للمفعول، تعذب مبنياً للمفعول بالتاء أيضاً. قال ابن عطية: على تقدير إن تعف هذه الذنوب. وقال الزمخشري: الوجه التذكير لأنّ المسند إليه الظرف كما تقول: سير بالدابة، ولا تقول سيرت بالدابة، ولكنه ذهب إلى المعنى كأنه قيل: إن ترحم طائفة فأنث لذلك، وهو غريب. والجيد قراءة العامة إن تعف عن طائفة بالتذكير، وتعذب طائفة بالتأنيث انتهى.
يقول الألوسي
واستشكلت هذه القراءة بأن الفعل الأول مسند فيها إلى الجار والمجرور ومثله يلزم تذكيره ولا يجوز تأنيثه إذا كان المجرور مؤنثاً فيقال سير على الدابة ولا يقال سيرت عليها. وأجيب بأن ذلك من الميل مع المعنى والرعاية له فلذا أنث لتأنيث المجرور إذ معنى {نعْفُ عَن طَائِفَةٍ} ترحم طائفة وهو من غرائب العربية، وقيل: لو قيل بالمشاكلة لم يبعد، وقيل: إن نائب الفاعل ضمير الذنوب والتقدير إن تعف هي أي الذنوب.
¥