[لماذا لا نقول في الأذان: (الله الأكبر)؟]
ـ[نبيل الجلبي]ــــــــ[02 - 08 - 2010, 02:52 م]ـ
لماذا لا نقول في الأذان: (الله الأكبر) مع أل التعريف، بدلاً من (الله أكبر)؟
محمد إسماعيل عتوك
أولاً- لعلماء اللغة والنحو في قول المؤذن: (الله أَكْبَرُ) ثلاثة أقوال:
الأول: أنَّ معناه: الله كبيرٌ، فوضع (أَفْعَلُ) موضع (فعيل).
الثاني: أن معناه: الله أَكْبَرُ كَبيرٍ؛ كقولنا: فلان أعز عزيز.
الثالث: أن معناه: الله أَكْبَرُ من كلِّ شيء؛ كما تقول: زيد أفضل، وأنت تريد: أفضل من غيره، فحُذِف (من) والمفضل عليه؛ لوضوح المعنى.
فعلى القول الأول يكون (أكبر) صفة مشبهة باسم الفاعل. وعلى القولين الثاني والثالث يكون (أَكْبَرُ) اسم تفضيل، وزنه (أَفْعَلً)، ومؤنثه (كُبْرَى) على وزن (فُعْلَى).
وأرجح هذه الأقوال – والله أعلم - القول الثالث، وإليه ذهب سيبويه، قال: «حذف (من كل شيء) استخفافًا؛ كما تقول: أنت أفضل، ولا تقول: من أحد. وكما تقول: لا مالَ، ولا تقول: لك، وما يشبهه، ومثل هذا كثيرٌ».
وقال الزركشي في البرهان: «كما تقول في الصلاة: (الله أكبر)، ومعناه: من كل شيء؛ ولكن لا تقول هذا المقدَّر؛ ليكون اللفظ في اللسان مطابقًا لمقصود الجنان، وهو أن يكون في القلب ذكر الله وحده».
ثانيًا- إذا ثبت أن (أكبر) في قولنا: (الله أكبر) اسم تفضيل، فاعلم أن اسم التفضيل يستعمل في اللغة على ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون نكرة. والثاني: أن يكون معرفًا بالألف واللام. والثالث: أن يكون معرفًا بالإضافة، ولكل وجه من هذه الأوجه أحكامه الخاصة به. ويهمنا هنا من هذه الأقسام القسم الأول والثاني:
القسم الأول: أن يكون نكرة؛ كقولنا: (أكبر، وأعز، وأعلى، وأسفل)، وله حكمان:
أحدهما: وجوب دخول (من) جارة للمفضل عليه؛ كما في قوله تعالى:? إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ ? (غافر: 10).
وقد تحذف (من) مع المفضل عليه لوضوح المعنى؛ كما في قوله تعالى:? إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا ? (النساء: 135). أي: أولى بهما من سائر الناس. وقوله تعالى:? وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ? (التوبة: 72). أي: أكبر مما ذكر، وقوله تعالى:? وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ? (الأعلى: 17). أي: خير من الدنيا وأبقى منها.
وقد اجتمع الحذف والإثبات في قوله تعالى: ? أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا ? (الكهف: 34). أي: أعز نفرًا منك. والحذف هنا أبلغ من الذكر، وعليه يحمل قولنا: (الله أكبر).
والحكم الآخر: وجوب إفراده وتذكيره في جميع حالاته؛ كقوله تعالى:? وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ? (التوبة:62). أي: أحق بالإرضاء من غيره. وأفرد الضمير في قوله: (أن يرضوه)؛ لأنهما في حكم مرضي واحد؛ إذ رضا الله تعالى هو رضا الرسول صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى:? قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ ? إلى قوله:? أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ? (التوبة: 24).
القسم الثاني: أن يكون معرفًا بالألف واللام؛ كقولنا: (الأكبر، والأعلى)، وله حكمان:
أحدهما: أن يكون مطابقًا للمفضل؛ نحو: قوله تعالى:? وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ ? (النحل: 60)، ? سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ? (الأعلى: 1)، ? لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ ? (هود: 22).
والحكم الآخر: عدم ذكر (من) بعده مع المفضل عليه؛ لأن المفضل عليه لا يجوز ذكره هنا؛ إذ تغني عنه (أل)؛ لأنها للعهد، وليست موصولة كالداخلة على اسم الفاعل، واسم المفعول. و (أل) العهدية تشير إلى شيء معين تقدم ذكره لفظًا أو حكمًا، وتعيينه يشعر بالمفضول؛ ولهذا قالوا: لا تكون (أل) في (أفعل التفضيل) إلا للعهد؛ لئلا يعرَى عن المفضول؛ ولذلك لا يجوز أن يقال: زيد الأفضل من عمرو، وأنت الأعلم منهم، وهم الأخسرون من غيرهم، خلافًا لقولك: زيد أفضل من عمرو، وأنت أعلم منه، وهم أخسر من غيرهم. وأما قول الأعشى:
¥