والخيلاء تضر بالنفس حيث تكسبها العجب، وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس، وبالآخرة حيث تكسب الإثم "
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه الجامع المانع الذي يتضرع به إلى ربه {اللهم أصلح لى ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياى التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتى التي فيها معادى} هذا الحديث الذي جمع فيه النبي خير الدنيا والآخرة وصلاحهما في عبارات وجيزة رقراقة
وفى هذا يقول الحريري " جمع في هذه الثلاثة صلاح الدين والدنيا والمعاد، وهى أصول مكارم الأخلاق التي بعث لإتمامها، فاستقى في هذا اللفظ الوجيز صلاح هذه الجوامع الثلاث التي حلت في الأولين بدايتها وتمت عنده غايتها "
ومن حذف الإ يجاز قول النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يعرف المسلم والمهاجر من خلال السلوك، لأن الإيمان ممارسة وواقع وليس مجرد لافتة وشعار {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه} ففي هذا الحديث جمع النبي صلى الله عليه وسلم في عبارات
موجزة ما يحتاج إلى كثير من الكلام حتى يوفى فيه مثل هذا المعنى، ولذ يقول المناوى بعد هذا الحديث " فاشتملت هاتان الجملتان على جوامع من المعاني والأحكام "
النوع الثاني من الإيجاز (إيجاز الحذف)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكر المناوى في كتابه معظم أنواع الحذف
النوع الأول: حذف حرف
قد يكون المحذوف همزة استفهام وذلك كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم (أتاني جبريل فقال: إن ربى وربك يقول لك: تدرى كيف رفعت ذكرك؟ قلت: الله أعلم قال: لا أذكر إلا ذكرت معي)
قال المناوى" (تدرى) مستفهم عنه، حذفت همزته تخفيفا لكثرة وقوعها فى الاستفهام، أى أتدرى "
وقد يكون المحذوف حرف النداء، وذلك كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم (عباد الله لتسون
صفوفكم)، قال المناوى" (عباد الله) بحذف حرف النداء، أي يا عباد الله الذين يصلون "
النوع الثاني: حذف كلمة
فقد يكون المحذوف هو المبتدأ، وذلك كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم (رجل حلف على
سلعته) قال المناوى" (رجل) خبر مبتدأ محذوف "
وقد يكون المحذوف مضاف، وذلك كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم (أول جيش من أمتي
يركبون البحر قد أجبوا) قال المناوى"ومعنى ركبوه أي الاستعلاء علي ظهره كما تركب الدابة، وهو مجاز إذ الركوب إنما هو على السفن حقيقة فيه، فحذف ذلك اتساعا لدلالة الحال عليه "
ومن حذف المضاف قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل)
قال المناوى"والخف للإبل، والحافر للخيل، فكنى ببعض أعضائها عنها، وهذا على حذف أ أي ذوخف وذو حافر ..... "
وقد يكون المحذوف هو المضاف إليه، وذلك كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم (ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم، ولا ينظر فى قعر بيت قبل أن يستأذن، فإن فعل فقد دخل، ولا يصلى وهو حقن حتى يتخفف) قال المناوى "
(ثلاث): أصله ثلاث خصال بالإضافة، حذف المضاف إليه، ولهذا جاز الابتداء بالنكرة "
وقد يكون المحذوف الموصوف، وذلك كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم (اثنان فما فوقهما جماعة) قال المناوى" (اثنان) صفة لموصوف محذوف، ويجوز أن يخصص بالعطف، فإن الفاء في قوله (فما فوقهما) للتعقيب "
وقد تحذف الصفة: وذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن في الصلاة لشغلا) قال المناوى "
قال القرطبى: اكتفى بذكر الموصوف عن الصفة، فكأنه قال: شغلا كافيا أو مانعا من الكلام وغيره "
وقد يحذف التميز: وذلك كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن المكثرين هم المقلون يوم)
القيامة قال المناوى " (إن المكثرين) مالا، (هم المقلون) ثوابا، وفى رواية: إن الأكثرين هم
الأقلون (يوم القيامة) وحذف تميز المكثرين والمقلين ليعم هذا المقدر وغيره مما يناسب المقام،
وهذا في حق من كان مكثرا ولم يتصدق "
¥