ـ لاحظ أن العلامة اللغوية تمتاز بطابع خاص سماه (الدالّ)، وطابعٍ دلالي سماه (المدلول).
تميزت الأسلوبية منذ القرن العشرين ((عما هو مشترك في مفهوم الأسلوب عن البلاغة القديمة)) (31)، ولذلك ركز "شارل بالي" في دراسته للأسلوب على الكلام أو الحديث اليومي باعتباره الخطاب البسيط و البعيد عن التعقيد والوعي القصدي؛ واشتغل كثيراً بالوصف اللغوي، ولهذا نعتت أسلوبيته منذ البداية بالوصفية؛ إذ هي عبارة ((عن وصف للوسائل المقدمة من اللغة، واختبار للعلاقة السنكرونية بين العبارة والوعي النفسي التحليلي)) (32)، وبذلك نجد أن "شارل بالي" في أسلوبيته الوصفية يترجح بين سلطان العقل والعاطفة من أثر اللغة في المتلقي.
ويخلص "شارل بالي" في طرحه الأسلوبي إلى تأكيد سلطان العاطفة في العملية اللغوية، وأرجع سلطان العقل إلى المستويات الخلفية، معللاً ذلك بأن الإنسان في جوهره كائن عاطفي قبل كل شيء، وأن اللغة هي الكاشف الأكبر من هذا الإنسان.
يسجل الدارسون أن المنحى الذي سلكته الأسلوبية وبخاصة مع "شارل بالي" كان علمياً خالصاً، أو على أقل تقدير كانت نظرتها إلى الأسلوب تندرج في إطار علمي خاص، ويؤكد ذلك ما ذكره الأسلوبيون الفرنسيون من أمثال "بيير جيرو" و"جيرار جنجمبر"؛ إذ تسعى الأسلوبية الحديثة ـ في نظر هذا الأخير ـ إلى نظرة علمية.
داخل هذا الإطار توسعت المدرسة الأسلوبية الفرنسية لتشمل أعمال "شارل برينو" و"مارسيل كريسو" وأخذت تعتني بوسائل المعنى المعتمدة من المبدع في إطارها اللغوي البحت؛ ثم تطورت الأسلوبية تطوراً كبيراً وسجلت قفزة نوعية في مجال الدراسات الأدبية؛ فلم تعد لغة النص غاية في ذاتها بل أصبحت وسيلة لدراسة الأدوات التعبيرية من أجل غايات أدبية أسلوبية، وبذلك تكون الأسلوبية في مفهومها النقدي هي العلم الذي يكشف عن القيم الجمالية في الأعمال الإبداعية.
تجلت الأسلوبية التعبيرية في النقد العربي المعاصر، في ترجمة جزء من أعمال بالي؛ إذ ضمن الباحث شكري محمد عياد كتابه "اتجاهات البحث الأسلوبي" ترجمة لفصل من كتاب "شارل بالي" "اللغة والحياة" بعنوان "علم الأسلوب وعلم اللغة العام".
كما نجد عزة آغا ملك في مقال لها بعنوان "الأسلوبية من خلال اللسانية" في مجلة الفكر العربي، ع: 38 قد توصلت إلى أن كلاً من: جول ماروزو، ومرسيل كريسو، وروبرت سايس، وشيفات أولمان، قد ساروا على نهج مؤسس الأسلوبية شارل بالي.
ومن الذين اهتموا بالأسلوبية التعبيرية في النقد العربي المعاصر إضافة إلى من سلف ذكرهم، "صلاح فضل" في مؤلفه "علم الأسلوب مبادئه وإجراءاته" ينضاف إلى ذلك "حمادي صمود" في مؤلفه: "الوجه والقفا في تلازم التراث والحداثة" 1988.
وكلهم حاول فهم الأسلوبية التعبيرية، كما جاءت من "شارل بالي" وأتباعه، بالإضافة ثم سعوا إلى تطبيق مقولاتها على اللغة العربية إبداعاً ونقداً في سياق معركة الحداثة التي تجتاح الحركة النقدية العربية المعاصرة.
الأسلوبية النفسية "ليو سبيتزر" [1960 - 1887"> Les Spityer
تضع الأسلوبية النفسية، الأثر الأدبي وسيلة للولوج إلى نفسية مبدعه، من خلال المعجم الإفرادي والمعجم تركيبي للغة الحاملة للخطاب القابع في النص الأدبي؛ وذلك كي يتسنى للباحثين في هذا الاتجاه الوصول إلى ذاتية الأسلوبي انطلاقاً من مضمون الرسالة ونسيجها اللغوي في إطار النص المبدع.
من رواد هذا الاتجاه في البحث الأسلوبي نجد الألماني "ليوسبيتزر" [1960 - 1887"> Les Spityer في مؤلفه: "دراسة في الأسلوب"؛ إذ يهتم بالذات المبدعة وخصوصية أسلوبها انطلاقاً من تفردها في الكتابة، حيث ((يتميز باحتفاله بخصوصية الذات الكاتبة ... وآثر ذلك على خصوصية استعمالاتها الأسلوبية ... ومن ثم يكاد "سبتزر" يجنح إلى تلامس واضح بين الجانب النفسي، لتلك الذات المنتجة، وبين ما أنتجته من كتابة معينة)) (33) تختلف عن كتابات الآخرين. ينضاف إلى ذلك ربط "سبتزر" لفردية الذات المبدعة، وتفردها في الأسلوب، داخل وسط اجتماعي يتطور تاريخياً، كما ((يكاد يلامس كذلك المنحى الاجتماعي بحسبان تلك الذات جزءاً من شريحة اجتماعية ضخمة، وهي كذلك واحدة من سلاسل أفراد وجماعات لها روحها العام بجانب روح الذات الخاص)) (34) مفردة ضمن سياقها الاجتماعي العام.
¥