تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا: فذلك جار على ما تقدم من إعادة الظرف لطول الفصل، أو بدل الاشتمال من وقوع الواقعة، فيكون ذلك من الإطناب بالخاص عقيب العام، فذكرها عموما ثم خص بعض أحداثها بالذكر لعظم قدره، فمن أعظم أحداثها رج الأرض وجاء التوكيد بالمصدر المنكر والمنون مئنة من التعظيم، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، والتقييد بالبدل كما قرر البلاغيون مؤذن بمزيد عناية بالبدل فهو المقصود بالحكم أصالة، وإن كان المبدل منه في هذا السياق مرادا هو الآخر بل هو العنوان العام فكل ما بعده إنما يقع تبعا له، فهو الظرف الذي يحوي كل ما يليه من الأحداث، فكل تلك الحوادث العظام لا تقع إلا إذا وقعت الواقعة، وإطنابا في بيان الأحداث الكونية الجليلة في ذلك اليوم جاء النص على صورة أخرى من صور التغير التي تطرأ على خلق عظيم راسخ هو الجبال فتبس الجبال وبس الشيء مئنة من تفتيته، كالسويق الذي يبس، ولا يخلو من معنى السوق فبس الشيء سوقه وتسييره، وكلا المعنيين ثابت للجبال، فقد جاء النص على كليهما في مواضع من التنزيل، كقوله تعالى: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ): فذلك من التفتيت، و: (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا) فذلك من السوق والتسيير، وفي "لسان العرب": "وبست الجبال بسّاً أي فتت نقله اللحياني فصارت أرضاً قاله الفراء وقال أبو عبيدة فصارت تراباً وقيل نسفت كما قال تعالى: (ينسفها ربي نسفاً) وقيل سيقت كما قال تعالى: (وسيرت الجبال فكانت سراباً) وبست فتت فصارت أَرضاً وقيل نسفت كما قال تعالى: (ينسفها ربي نسفاً) وقيل سيقت كما قال تعالى: (وسيرت الجبال فكانت سراباً) وقال الزجاج بُسَّتْ لُتَّتْ وخلطت وبَسَّ الشيءَ إِذا فَتَّتَه". اهـ

فلفظ البس: مشترك بين المعنيين على جهة الاشتراك اللفظي، والأصل في الاشتراك اللفظي: الإجمال، لتوارد معان كثيرة على اللفظ على نحو لا يحصل به معرفة المراد منه ابتداء، فلا بد من مبين، فالقرينة اللفظية، وإن كانت من خارج السياق، فهي ورادة في مواضع أخر من التنزيل، كما تقدم، بينت المراد، وشهدت في هذا الموضع بالذات، على جواز حمل المشترك على كل معانيه، بل إن ذلك مما يزيد المعنى بيانا، فإن المعنيين وإن تباينا إلا أنهما لا يتعارضان، بل يتعاضدان في بيان تلك الصورة الباهرة الكائنة يوم وقوع الواقعة. ثم جاء العطف المبين للبس، فهو أثره، فيكون من عطف المسبَّب على سببه، فكانت كالهباء المنبث، على حد التشبيه البليغ، فكانت كالهباء المنبث المتفرق وصيغة المطاوعة من بثه فانبث فهو منبث مئنة من كمال قدرته، عز وجل، فيطاوع المحل الفعل، ويظهر أثره فيه يقينا، فذلك مئنة من كمال قدرته، عز وجل، فـ: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، ثم جاء التخلص، كما يقول صاحب "التحرير والتنوير" إلى الغرض الأساسي من السورة وهو الموعظة ببيان أصناف الناس يوم القيامة، فذلك، أيضا، من الأحداث الكائنة إذا وقعت الواقعة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 03 - 2010, 08:25 ص]ـ

فذكرت أحوال بعض الكائنات ثم جاء عقيبها بيان أصناف العقلاء، فـ:

كُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً:

فالزوج في اللغة يحتمل، أيضا، أكثر من معنى، فهو من هذا الوجه مجمل إجمال الاشتراك فتزدحم فيه المعاني ولا يخلص المراد إلا بقرينة تعينه، فيطلق ويراد به النظير من نفس النوع، وإن اختلفت الزوجان في رتبة الفرد كالمرأة في مقابل الرجل، فهي زوج له، فكلاهما من نفس النوع، فتناظره لاختلافهما في رتبة الفرد التي تلي رتبة النوع في سلم التصنيف البيولوجي في عالم الأحياء أو العقلي فإن رتبة الفرد أخص من رتبة النوع فرتبة النوع بالنسبة إليها جنس أعلى، كما أن رتبة الحيوانية بالنسبة للإنسانية جنس أعلى، فالإنسان حيوان بفصل النطق، وإن لم يسلم لمن عرفه بذلك لوقوع الاشتراك في هذا الحد فلا يختص به الإنسان بل يعم الملك والجان فكلاهما حي ناطق، فإن صح التعريف فهو محمول على الكائنات المشاهدة لا على سائر الكائنات. ويطلق على الضد كالموجب في مقابل السالب، ويطلق على الصنف فيحتمل الزيادة على اثنين، كما في هذه الآية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير