تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً: فدلالة الضمير هنا، أيضا، تحتمل المعنيين، وإن كان ما جاء عقيبه من أوصاف الحور من البكارة والتحبب إلى الأزواج بطيب القول والفعل والاعتدال في السن والخُلق، فضلا عن الإنشاء، وفيه معنى الإعادة، وهو الأليق بإعادة بعث أجساد نساء الدنيا من الزوجات اللاتي يدخلن الجنة مع أزواجهن، وإن كان كل ذلك مما: يرجح إرادة النساء بالفرش، فتلك قرينة لفظية قد يحتج بها منكر المجاز، فقد عينت المراد بلا حاجة إلى قرائن وعلائق عقلية كالتي تكون في المجاز وعلى حمل الفرش على المعنى الحقيقي يكون الضمير في: "أنشأناهن": عائدا على غير مذكور، كما نقل ذلك ابن هشام، رحمه الله، عن أبي عبيدة، رحمه الله، في: "شرح شذور الذهب"، فهو من قبيل قوله تعالى: (حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ)، فالضمير عائد على الشمس ولم يتقدم لها ذكر، ولا يخلو عود الضمير على النساء على هذا الوجه من وجه لطيف، إذ السياق، أيضا، قد حسن ذلك بقرينة ذكر الفرش فينتقل العقل بداهة إلى الجالس عليها، فذلك لازمها العقلي، إذ الفراش لا ينتفع به إلا بالجلوس عليه، وبكمال وصف المجاور تكتمل المنة بالجلوس عليه، فلا يكفي طيب المحل إن كان المجاور فيه خبيثا، فذلك من جنس جار السوء، سواء أكان جارا جنبا في المسكن، أو صاحبا بالجنب في الحياة والفراش، فتلك ابتلاءات عظيمة يسلم منها أهل الجنان!.

ثم جاء الإطناب في ذكر أوصاف الحور، فذلك، كما تقدم آكد في تقرير المنة الربانية على أهل الجنان: فهن أبكار قد حسن لفظهن وفعلهن فالحورية: عروب تحسن التودد إلى زوجها، وذلك، أيضا، مما يتسلى به كثير من الأزواج في هذا الزمان رجاء نيله بعد طول عناء وصبر على الابتلاء الكوني النافذ!، وهن معتدلات في الخُلق والخَلق، فلا يقع بينهن ما يقع بين ضرائر الدنيا من الضر الذي اشتق اسمهن منه!، فهن ضر لبعضهن، وضر لزوجهن المسكين الذي يعاني الأمرين في هذا الزمان الذي خفيت فيه معالم هذه السنة فالعامل بها: مبتلى في كل بيت يحل فيه من بيوت نسائه!.

لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ: فاللام مئنة من الاختصاص فذلك آكد في تقرير المنة.

ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ: فالفريقان من هذه الأمة، كما تقدم من ترجيح ابن كثير، رحمه الله، وذلك، أيضا، مما يزيد المنة، فهو مما يعظم به الأمل في نفوس العاملين فإن لم تدرك الأولى فالثانية كما تقدم، فما لا يدرك كله لا يترك كله.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 04 - 2010, 08:28 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ):

فذلك جار، أيضا، على ما اطرد من التهويل بالاستفهام، وقد يحتمل هنا، أيضا، لقرينة سياق الذم: التحقير على وزان قولك في تحقير من لا يؤبه به: فلان وما فلان؟!، تقليلا لشأنه، على ما تقدم من دلالة الاستفهام على الضدين: التعظيم والتحقير، والسياق هو الذي يعين المراد، فالسياق هنا يحتمل التهويل باعتبار سوء المآل، ويحتمل التحقير لتعلق وصف الذم بهم، فالمذموم شرعا: حقير الشأن بداهة.

ثم جاء الإطناب ببيان صور العذاب، فذلك من جنس الإطناب ببيان صور النعيم في سياق السابقين وأصحاب اليمين، فيكون ذلك من المقابلة بذكر الشيء وضده، فالإطناب في الأولين جار مجرى الوعد، فيحمل السامع على امتثال ما يؤدي إليه، والإطناب هنا جار مجرى الوعيد، فيحمل السامع على اجتناب ما يؤدي إليه، فأخبار الوعد والوعيد، كما تقدم مرارا، إنشائية باعتبار لازمها من الامتثال في معرض الترغيب بالوعد، والاجتناب في معرض الترهيب بالوعيد، فمن ذلك العذاب:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير