تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

، أعظم في بيان كمال قدرته وحكمته، من ربوبيته لغير العقلاء كما تقدم.

وفي قرن التنزيل، وهو مئنة من التشريع الإلهي، باسم الرب، وهو مئنة من وصف الربوبية فيدل عليها دلالة التضمن، كما قرر أهل العلم في مبحث الدلالات اللفظية، فيدل على الذات القدسية من وجه، وعلى وصف الربوبية من وجه آخر، في هذا القرن طرد لما تقدم ذكره مرارا من التلازم الوثيق بين الربوبية والألوهية.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 04 - 2010, 08:25 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)

فذلك استفهام توبيخي، ضمن معنى التوبيخ، فناسب ذلك تقدير محذوف يزيد المعنى تقريرا، فـ: أغابت عقولكم وفسد قياسكم فبهذا الحديث تدهنون؟، فيعطف محل الإنكار المذكور على المحذوف المقدر، ومن أهل العلم من جعل ذلك على التقديم والتأخير: فلهمزة الاستفهام: الصدارة، فقدمت على العاطف، فالتوبيخ معطوف على ما بعده دون حاجة إلى تقدير محذوف يعطف عليه، فذكر التنزيل وأشاد به، فهو من رب العالمين، ابتداء، فقدره عظيم وشأنه جليل، فخبره: خبر الصدق، وحكمه حكم العدل، فناسب ذلك أن يعطف عليه توبيخ من تولى عنه وعدل إلى غيره من أحاديث البشر: قصصا أو أحكاما، فذلك مئنة من الكبر المستوجب لعقوبة الصرف الكوني عن آي الكتاب العزيز معدن الفلاح في الدارين، فمن صرف عنه فله من الخيبة والخسران بقدر انصرافه، فـ: (سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ)، فجاء الاستفهام توبيخيا: وعدل عن ضمير التنزيل مع تقدم ذكره، إلى اسم الإشارة الدال عليه، تنويها بشأنه، على ما اطرد من كلام أهل العلم، في مسألة: الإظهار في موضع الإضمار، فقد يكون تعظيما في باب المدح، كما في هذه الآية، وكما في قوله تعالى: (وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، وقد يكون على الضد: تعظيما في باب الذم، كما في قوله تعالى: (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا)، فيكون هذا النوع من أنواع علوم البلاغة جاريا مجرى المشترك اللفظي، والأضداد على وجه الخصوص، فيدل على الشيء وضده، ولا يبين المراد منه إلا بقرينة معتبرة، فالقرينة هنا قد رجحت معنى التعظيم، لمكان الكتاب العزيز فضلا عن تقدم التنويه بشأنه، والإشارة بـ: "هذا" وهو اسم إشارة إلى القريب مئنة من تقدم ذكره، قريبا، فقد ذكر في الآية السابقة مباشرة، فضلا عن قرب تناوله بالتلاوة والفهم مع علو شأنه، فذلك من قبيل قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)، فالإشارة بـ: "هذا" مئنة من القرب المعنوي، لقرينة التذييل بـ: (يهدي)، والهداية لا تكون إلا ببيان يسير اللفظ واضح الدلالة فـ: (لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)، وفيه، أيضا، مئنة من التعظيم، فهو لنباهة ذكره قد استغنى عن التعريف، فعلو شأنه أمر حاضر في كل الأذهان، فذلك وجه آخر من أوجه القرب المعنوي فيجري مجرى الإشارة في قول الفرزدق في مدح علي زين العابدين رحمه الله:

هَذَا الَّذِي تَعْرِفُ الْبَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ ******* وَالْبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالْحِلُّ وَالْحَرَمُ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير