{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[16 - 10 - 2006, 03:31 ص]ـ
{وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} يوسف: 18
{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}
ما الموقع الإعرابي لـ (صبر)؟
يجوز فيها وجهان:
الوجه الأول: صبر خبر مبتدأ محذوف, و تقديرذلك: فصبري صبر جميل أو فشأني صبر جميل.
الوجه الثاني: صبر مبتدأ لخبر محذوف, و تقدير ذلك: صبرٌ جميلٌ أمثلُ بي.
في شرح جمل الزجاجي: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} (يوسف: 18).
والتقدير: أمري صبرٌ جميلٌ أو شأني صبرٌ جميلٌ.
في حاشية الخضري على ابن عقيل:
شَكَا إِلَىَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى
صَبْرٌ جَمِيلٌ فَكِلاَنا مُبْتَلَى
أي أمرنا صبر جميل.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[16 - 10 - 2006, 04:29 ص]ـ
بوركتَ
كما تعودنا!! إضاءة رائعة
ـ[المحب الجريح]ــــــــ[16 - 10 - 2006, 06:11 ص]ـ
بارك الله جهودك أخي
وأظن حسب علمي القاصر في النحو أن كلمة جميل صفة لصبر
ولكن لماذا لا نأخذ كلمة صبرٌ على أنها مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره (سأصبر)؟
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[16 - 10 - 2006, 01:46 م]ـ
الأخ الكريم مغربي:
بارك الله فيكم وبكم.
رعاكم الله ووفقكم إلى كل خير.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[16 - 10 - 2006, 02:09 م]ـ
أخي المحب الجريح:
إنني لسعيد بمداخلتك.
بارك الله فيك وبك, وجعلك مصداقا عمليا تتجلى فيه آي الذكر الحكيم.
" فصبرا جميلا " جائزة من ناحية لغوية, ولكن المشهور في قراءة الآية " فصبر جميل " بالرفع لا بالنصب.
توجد قراءة لأبي: {فصبراً جميلاً} حيث ذكر ذكر ابن عادل:
" وقرأ أبيّ وعيسى بن عمر: " فَصْبراً جَمِيلاً " نصباً، ورويت عن الكسائي وكذلك هي في مصحف أنس بن مالكٍ ـ رضي الله عنه ـ وتخريجها على المصدر الخبري، أي: أصبر أنا صبراً، وهذه القراءة ضعيفة إن خرجت هذا التَّخريج؛ لأنَّ سيبويه لا ينقاس ذلك عنده، إلاَّ في الطَّلب، فالأولى أن يجعل التَّقديرُ: أنَّ يعقوب رجع، وأمر نفسه، فكأنَّه قال: اصْبرِي يا نفسُ صبراً. (1)
قال الطبرسي:
" ويجوز في غير القرآن فصبراً جميلاً وروي ذلك عن أبي ويكون معناه فاصبري يا نفس صبراً جميلاً قال ذو الرمة:
أَلا إنَّما مَيٌّ فَصَبْراً بَلِيَّةٌ
وَقَدْ يَبْتَلِي الحُرُّ الكَرِيمُ فَيَصْبِرُ
وقال الآخر:
أَبَى اللَّهُ أَنْ يَبْقى لِحَيٍّ بِشَاشَةٌ
فَصَبْراً عَلى ما شاءَهُ اللَّهُ لِي صَبْرا " (2)
ما ذكرته سابقا يمثل خلاصة الرأي الراجح الذي ذهب إليه جمع من العلماء, إليك رأي بعضهم:
قال الزجاج: " وصبر جميل مرفوع على ضربين, المعنى: فشأني جميل, والذي اعتقده صبر جميل, ويجوز أن يكون على " فصبري صبر جميل " وهذا لفظ قطرب: فصبري صبر جميل. و الأول مذهب الخليل وجميع أصحابه, ويجوز في غير القرآن فصبرا جميلا, وأنشدوا في الرفع:
تشكو إلى جملي طول السرى
يا جملي ليس إلي المشتكى
صبر جميل فكلانا مبتلى
وصبرا جميلا منصوب على مثل {فاصبر صبرا جميلا} المعارج: 5 " (3)
و قال الطبري:
" وقوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} يقول: فصبري على ما فعلتم بي في أمر يوسف صبر جميل، أو فهو صبر جميل. " (4)
وقال الزمخشري في الكشاف:
" {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} خبر أو مبتدأ لكونه موصوفاً أي فأمري صبر جميل، أو فصبر جميل أمثل " (5)
قال الطبرسي:
" وصبر جميل مرفوع على أحد وجهين على أنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره فشأني صبر جميل أو فصبري صبر جميل وهو قول قطرب أو على أنه مبتدأ محذوف الخبر والتقدير {فصبر جميل} أمثل " (6)
وقال الطوسي:
" ويحتمل رفع الصبر أمرين: احدهما - ان يكون خبر ابتداء وتقديره فأمري صبر جميل. الثاني - ان يكون مبتدأ، وخبره محذوف، وتقديره فصبر جميل أولى من الجزع الذي لا ينبغي لي، قال الشاعر:
يشكوا الي جملي طول السرى
صبر جميل فكلانا مبتلى
ولو نصب لجاز، ولكن الأحسن الرفع، لأنه موصوف." (7)
و أشار النحاس إلى الوجه الإعرابي لصبر, كما ذكر القراءة الأخرى غير المشهورة " فصبرا جميلا ":
" {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} قال أبو اسحاق: أي فشأني أو الذي اعتقده صبرٌ جميلٌ. قال قطرب: أي فصبري صبر جميل. قال أبو حاتم: قرأ عيسى بن عمر فيما زعم سهل بن يوسف {فَصَبراً جَمِيلاً} قال: وكذا الأشهب العقيلي، قال: وكذا في مصحف أنس وأبِي صالح. قال محمد بن يزيد: "فصبرٌ جميلٌ" بالرفع أولَى من النصب؛ لأن المعنى فالذي عندي صبر جميل، قال: وإنما النصب الاختيار في الأمر كما قال جل وعز {فاصبرْ صَبراً جَمِيلاً}. " (8)
وقال الفراء:
" وقوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} مثل قوله: {فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ} {فإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} ولو كان: فَصَبَرا جميلاً يكون كالآمر لنفسه بالصبر لجاز. وهى فى قراءة أُبَىّ (فَصَبْرا جَمِيلاً) كذلك على النصب بالألف." (9)
أرجو أن أكون قد وفقت لإيضاح القصد.
--
هوامش:
(1) اللباب لابن عادل.
(2) مجمع البيان للطبرسي.
(3) تهذيب معاني القرآن و إعرابه للزجاج.
(4) جامع البيان للطبري.
(5) الكشاف للزمخشري.
(6) مجمع البيان للطبرسي.
(7) التبيان الجامع لعلوم القرآن للطوسي.
(8) إعراب القرآن للنحاس.
(9) معاني القرآن للفراء.
¥