[من اعراب مشكل القرآن]
ـ[الحسيني المعتزلي]ــــــــ[29 - 10 - 2006, 01:51 م]ـ
[1]
إعراب كلمة (المقيمين) في قول الله تعالى
(لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء: 162)
أولا: السياق الجزئي للآية الكريمة
(فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا. وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء: 160 - 162)
ثانيا: فقه الجمع في لسان العرب
الجمع في لسان العرب نوعان: جمع التكسير وجمع السالم. أما جمع التكسير فهو جمع سماعي مثل (رجل / رجال)، (بيت / بيوت)، (لعبة / ألعاب)، ... الخ. وأما جمع السالم فهو جمع قياسي ويكون للمذكر بزيادة واو و نون على آخر المفرد المذكر في حالة الرفع أو ياء ونون في حالتي النصب والخفض (الجر)، مثل (لاعب / لاعبون / لاعبين)، ويكون للمؤنث بزيادة ألف وتاء على آخر المفرد المذكر في جميع الحالات، مثل (مهندس / مهندسات) وهكذا. أما بالنسبة لإعراب الجمع فهو كالتالي: يعرب جمع التكسير حسب موقعه في الجملة بأحد علامات الإعراب الأصلية وهي الضم في حالة الرفع والفتح في حالة النصب والكسر في حالة الجر. أما جمع المذكر السالم فيرفع بالواو وينصب ويجر بالياء. وأخيرا يرفع جمع المؤنث السالم بالضم وينصب ويجر بالكسر.
ثالثا: تشريح كلمة (المقيمين)
كلمة (المقيمين) هي جمع سالم للمذكر والمفرد منها كلمة (المقيم) وهي كلمة مفردة معرفة بالألف واللام ونوعها هو (اسم فاعل) مشتق من الفعل الماضي الرباعي (أقام)، وهي تختلف عن كلمة (القائم) التي هي كذلك (اسم فاعل) ولكنها مشتقة من الفعل الماضي الثلاثي (قام).
رابعا: إعراب (المقيمين)
لما كانت للأسماء ـ مفردة كانت أو جمع ـ ثلاث حالات إعرابية، الرفع والنصب والجر، فقد أجرى اللغويون جميع تلك الحالات كوجوه محتملة لإعراب كلمة (المقيمين) على النحو التالي:
أولا: الرفع
انفرد ـ فيما أعلم ـ الشيخ الشعراوي (من علماء البلاغة المعاصرين) رحمه الله بهذا الوجه إذ رأى أن كلمة (مقيمين) معطوفة على (مرفوع) وهو قوله تعالى (الراسخون ... ) ومن ثم كان يجب أن تكون مرفوعة بالواو كذلك ولكن لدواعي بلاغية حدث كسر إعراب.
يؤخذ على هذا الرأي أن كسر الإعراب قاعدة بلاغية وليست نحوية ويأتي غالبا في الشعر لدواعي الأوزان والقافية.
ثانيا: النصب
أجرى هذا الوجه سيبوية ونحاة مدرسة البصرة (البصريون) بإعتبار كلمة (المقيمين) منصوبة على (المدح).
ثالثا: الجر
أجرى هذا الوجه نحاة مدرسة الكوفة (الكوفيون) بإعتبار كلمة (المقيمين) معطوفة على مجرور، واختلفوا في تعيين المعطوف عليه إلى أربعة إحتمالات على الأقل هي:
[1] العطف على ضمير الجمع للغائب في كلمة (منهم) والتي تتركب من مقطعين هما حرف الجر (من) و ضمير الغائب في محل جر (هم) فيكون المعنى هو (لكن الراسخون في العلم منهم) و من (المقيمين الصلاة) إشارة إلى الأنبياء على الأرجح.
[2] العطف على (ما) في كلمة (بما) والتي تتركب من مقطعين هما حرف الجر (بـ) و الإسم الموصول في محل جر (ما) فيكون المعنى هو (يؤمنون بما أنزل إليك) و بـ (المقيمين الصلاة) إشارة إلى الأنبياء كذلك.
[3] العطف على كاف الخطاب في محل جر في كلمة (إليك) والتي تتركب من مقطعين هما حرف الجر (إلى) و كاف الخطاب في محل جر (ك) فيكون المعنى هو (يؤمنون بما أنزل إليك) و إلى (المقيمين الصلاة) إشارة إلى الأنبياء كذلك.
¥