[محاضرات في النحو (1)]
ـ[عمرمبروك]ــــــــ[26 - 11 - 2006, 10:38 م]ـ
بسم الله الرحم الرحيم
تمييز العدد
الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، والصلاة والسلام على خير من هدى واهتدى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين:
أهلًا بكم معنا مع "بناء المركبات على الفتح"، عنوان محاضرتنا -موضوعنا- في ضوء (شرح المفصل) للعلامة اللغوي النحوي البارع الشيخ يعيش بن علي بن يعيش المتوفى سنة 643 من الهجرة النبوية الشريفة، الذي شرح المفصل، والمفصل أحد مؤلفات جارِ الله الزمخشري -محمود بن عمر- الذي -كما ورد عنه- ضاقت عليه الدنيا بما فيها في زمخشر:
وقال: إن رجلًا مر عليها فسأل والده، أو أخبره والده بأن رجلًا سأل عن معناها، فلما علم أن آخرها شر قال: لا أقيم فيها، ومضى وكأن الاسم كان له نصيب في حياة الزمخشري فقال: تركت جوار الناس إلى جوار رب الناس.
ولزمَ الجوار وأقام بمكة، وهناك ألف كتابه (الكشاف)، وفي يوم الحفل؛ حيث وجبت الهدية، غار أحد الحضور، وكأنه سأل الزمخشري على الملأ؟ كيف تقول: إنك فسرت كلام الله في مدة خلافة الصديق أبي بكر -رضي الله عنه- ومعروف أن أبا بكر -رضي الله عنه- كانت مدة خلافته عامين وبضعة أشهر، وأشار أمير مكة إلى الزمخشري أن يرد، فكان رده بلسمًا يشفي الجراح؛ حيث قال: يلوم أخي ويعتب أو يستفسر أو يستصعب أن أفسر كلام الله تعالى في مدة خلافة الصديق، ولم يدر أن الله إذا تسنى لشيءٍ تيسر، أي: أن الله يسر لي تفسيره، وإذا يسر الله أمرا فلا زمن.
والمفصل كتاب موجز، بذل فيه ابن يعيش جهدًا عظيمًا في شرحه، وهو يعتبر من أفضل الشروح.
وتعالوا بنا -معشر الدارسين والدارسات- إلى قول ابن يعيش: هي على ضربين؛ ضرب يقتضي تركيبه أن يبنى الاسمان معًا، وضرب لا يقتضي تركيبه إلا بقاء الأول منهما؛ فمن الضرب الأول نحو: العشرة مع ما زيد عليها.
والحق أننا أمام كلامٍ مُهِمٍّ في شرح المركبات، المركبات -أي: المركبة من اسمين صارا بالتركيب اسمًا واحدًا- فم حكم هذه المركبات؟ ما أنواعها؟ ما ضبطها؟ ... إلى آخر ذلك.
فنقول: القول في المركبات أنها على ضربين؛ الضرب الأول: يقتضي تركيبه أن يبنى الاسمان معًا، وذلك نحو العشرة، وما زيد عليها إلى التسعة عشرة، وكأن المركب الأول يعود بنا إلى العدد؛ كيف نصوغه بلسان عربي سليم؟
تعلمون أن العشرة إما أن تكون مفردة، وإما أن تكون مركبة، فالعشرة المفردة كالثلاثة وكالأربعة وكالخمسة والستة ... إلى العشرة، بمعنى أنها تُذَكَّر -كما نقول- تسهيلًا مع المؤنث، وتؤنث مع المذكر؛ تقول: عندي عشرة رجال، وتقول: عندي عشر نساء، وكذلك في تمييزها تقول: عندي عشرة رجال، وعند عشر نساءٍ، ما بعدها أضيف إليها، فالجر إنما هو جر بالإضافة، عندي عشرة رجال -عشرة: مبتدأ مؤخر مرفوع- وذهب التنوين للإضافة، ورجال: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
وكذلك نقول: عندي عشر نساء؛ فعشر: مبتدأ مؤخر، ونساء: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة؛ فإذا جئت إلى العدد -أحد عشر- تقول: كما قال القرآن: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} (يوسف: 4) فأحد عشرة، وثلاثة عشرة، وأربعة عشرة، لا بد أن تقف عند صيغة الصحيحة في نحو ذلك، من الثلاثة إلى التسعة -النيف أو البضع- مع العشرة؛ كيف يكون؟
انظر إلى التمييز إذا أردت أن تقول: اشتريت ثلاثة عشرة كتابًا؛ كيف تقول؟ أتقول: ثلاثَ عشرة كتابًا أم تقول ثلاثة عشرة كتابًا؟ هذا هو الصواب؛ إذن كيف تصاغ العشرة المركبة في الأعداد قبل البحث في تركيبها، وما قاله ابن يعيش وغيره فيها؟
¥