تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا}

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[17 - 10 - 2006, 02:01 م]ـ

{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} النور: 63

{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا}

تستخدم الكلمة (قد) مع الفعل المضارع للتقليل, ولكن معناها للتقليل في هذا الآية غير وارد, إذ لا يجوز وصف علم الله بالتقليل, فجيء بـ (قد) لتأكيد علم الله بمخالفة المعرضين عنه عن الدين, فـ (قد) أفادت التحقيق.

ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 10 - 2006, 05:13 م]ـ

بسم الله

السلام عليكم

وبالإضافة إلى كلام الدكتور حجي حفظه الله:

أفاد ابن هشام، رحمه الله، إلى جواز حمل "قد" في هذه الآية على التقليل، فالتقليل عنده ضربان:

الأول: تقليل وقوع الفعل، كقولك: قد يصدق الكذوب.

والثاني: تقليل متعلقه، واستشهد له بهذه الآية، فمتعلق علم الله، عز وجل، فيها هو: (ما أنتم عليه)، فيكون حالكم، أو ما أنتم عليه، أقل معلوماته، سبحانه وتعالى، فكيف يخفى عليه ما أنتم عليه وهو أقل معلوماته؟، ثم أشار ابن هشام، رحمه الله، إلى معنى التحقيق الذي أشار إليه دكتور حجي.

بتصرف من "مغني اللبيب"، (1/ 192).

واختار القول بأنها للتحقيق: أبو السعود، رحمه الله، فقال:

وقد للتَّحقيق كما أنَّ رُبَّ تجيء للتَّكثير حسبما بُيِّن في مطلع سورةِ الحجرِ أي يعلمُ الله الذين يخرجُون من الجماعة قليلاٌ قليلاً على خُفيةٍ.

وكلامه عن "رب" في صدر سورة الحجر، في قوله تعالى: (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ)، نصه:

وإنما جيء بصيغة التقليلِ جرياً على سنن العرب فيما يقصِدون به الإفراط فيما يعكسون عنه، تقول لبعض قوادِ العساكر: كم عندك من الفرسان؟ فيقول: ربَّ فارسٍ عندي، أو لا تعدمُ عندي فارساً. وعنده مناقبُ جمّةٌ من الكتائب، وقصدُه في ذلك التماري في تكثير فرسانه ولكنه يريد إظهارَ براءته من التزيد وإبرازَ أنه ممن يقلل لعلو الهمة كثيرَ ما عنده فضلاً عن تكثير القليل، وهذه طريقةٌ إنما تسلك إذا كان الأمر من الوضوح بحيث لا يحوم حوله شائبةُ ريب فيُصار إليه هضماً للحق.

فـ "رب" هنا لا يقصد بها تقليل ودادة الكافرين أن يكونوا مؤمنين، وإنما الأمر على العكس بحيث لا يحتاج إلى مزيد بيان، فكأن "رب" هنا، وهي التي وضعت ابتداء للتقليل، أفادت ضد معناها، بل جيء بها خصيصا، لأن اللبس منتف، لدرجة أن المعنى يصح، بما وضع لعكسه، فالتكثير هنا صحيح بما وضع للتقليل.

وهكذا "قد" في آية النور، فمعنى التحقيق، قد صح بها، مع أنها وضعت أصلا: للتشكيك إذا ما تلاها مضارع، فالأمر، أيضا، بين، لدرجة أن المعنى يصح، بما وضع لعكسه.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير