وبعد فإن مجال نقد " الجزء " تفصيليا وإظهار ما فيه من المخالفات لاقوال العلماء وأصولهم وتقويته ما لا يصح من الحديث واستشهاده ببعض الأقوال ووضعها في غير موضعها ومبالغته في بعض الأمور والتهويل فيها مجال واسع جدا يتطلب بيان ذلك من الوقت ما لا أجده الآن فإن وجدته فيما يأتي من الأيام بادرت إلى بيانه في كتاب خاص والله تعالى هو المستعان وعليه التكلان".
وقال في السلسة الضعيفة (12/ 669): بعد ضرب مثال في توثيق ابن حبان" وهو من الأمثلة الكثيرة التي ذكرت بعضها - في الرد على بعض من ضعف حديث العجن من المعاصرين -: أن من روى عنه جمع من الثقات، فمحله الصدق؛ حتى يتبين أن فيما رواه نكارة، ولو لم يوثقه ابن حبان، ذكرت هناك عشرة أمثلة كشواهد لهذا، فليراجعها من شاء في ((تمام المنة))؛ فإنها مسالة هامة قد لا يجدها القراء في مكان آخر."
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في لا جديد في أحكام الصلاة (ص47 - 48):
" 5 - ومنها: صفة ((العجن)):
العجن: هو أَن يقوم المصلي من ركعة إِلى أُخرى على هيئة العاجن, وهو أَن يجمع يديه ويتكئ على ظهورهما عند القيام كحال من يعجن العجين. وهذه: هيئة أَعجمية, ليست سنة شرعية, كما يشير إِليه كلام ابن الصلاح - رحمه الله تعالى -. وأَن هذه يفعلها المُسِنُّ اضطراراً لا اختياراً ليستعين بها على القيام. ثم العجن له صفتان في لغة العرب: المذكورة, والثانية ببسط الكفين على الأَرض, كما هو معروف من حال النساء عند عجن العجين.
ومتى كان التشبه بالنساء, أَو العمل حال العجز, سنة من سنن الهدى؟ على أَن بعضهم قال: إِن لفظ الحديث: على هيئة العاجز ورسم ((الزاء)) و ((النون)) متقاربان. مع أَن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة, وترك التسنن به مدى القرون علة قادحة, وقد بينت ذلك في جزء مفرد هو: ((كيفية النهوض في الصلاة/ وضعف حديث العجن))."
وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في التحديث (ص57 - 58):
"لا يصح في مشروعية العجن في الصلاة حديث.
وقد أفردت بذلك جزءا تعقبت فيه العلامة الألباني بقوله بمشروعيته، ثم رد عليه في "تمام المنة" ردا بدت فيه حدة ظاهرة؛ مخالفا ما عليه أهل العلم من ضبط النفس في الردود.
وطريقته هذه هنا ليست على وفق منهج السلف ومسلكهم في تداول مسائل العلم، فانظر إلى ابن قدامة في "المغني" إذا ذكر الخلاف العالي؛ هل يأتي بجارح من القول؟! أم أنه العلم والعمل والأدب؟! فلا نحب للعلامة الألباني خلاف ذلك!!
وعلى النقيض من ابن قدامة انظر ابن حزم في "المحلى"؛ فإنه مع جلالته يضرب ذات اليمين وذات الشمال، فيسب ويشتم ويأتي بمنكر من القول.
والله الموفق للصواب"
[تنبيه]
قد تعجب من شدة الإمام الألباني، وتظن أن أشد أعداءه الإمام بكر أبو زيد، ولكن الأمر على خلاف ذلك: قال الإمام الألباني في الضعبفة (6/ 335): " (الصيرة): حظيرة تتخذ للدواب من الحجارة و أغصان الشجر، جمعها (صير). (دهم):جمع أدهم، و هو الأسود. (بهم): جمع بهيم، و هو في الأصل: الذي لا يخالط لونه لون سواه كما في " النهاية "، أي أن لون هذه الخيل أسود خالص لا يخالطه لون آخر. (محجل): هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد، و يجاوز الأرساغ، و لا يجاوز الركبتين لأنهما موضع الأحجال، و هي الخلاخيل و القيود، و لا يكون التحجيل باليد أو اليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان. (تنبيه): وقعت لفظة (صيرة) في " المسند " (صبرة)، و هو خطأ مطبعي كنت نقلته هكذا مع الحديث في كتابي " صفة الصلاة / فضل السجود "، و قيدته في الحاشية بالضم، و فسرت بـ (الكومة)، و هذا - والله - منتهى الغفلة، لأن هذا المعنى لا صلة له بسياق الحديث كما هو ظاهر، و لا غرابة في ذلك، لأنه يؤكد أنني ألباني حقا! و قد استمر هذا الخطأ في كل طبعات الكتاب حتى العاشرة منها، فالمرجو تصحيح هذا الخطأ ممن كان عنده نسخة من الكتاب، كما أرجو أن يتاح لي إعادة طبع الكتاب هنا في عمان مصححا و مزيدا بإذنه تعالى. و يعود الفضل في تنبيهي لهذا الخطأ إلى فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في خطاب تفضل بإرساله إلي بتاريخ 20/ 2 / 1409 هـ. جزاه الله تبارك و تعالى خيرا. ثم طبع الكتاب طبعة جديدة في عمان - 1411 هـ، منقحة مزيدة، و قد صحح فيها اللفظ المذكور، و الحمد لله، مع الإشادة بصاحب الفضل فيه." واختصر هذا الكلام في حاشية صفحة (149) من صفة الصلاة.
ولما تكلم على تحريف لأبي غدة في السلسة الضعيفة (24/ 917) قال في الحاشية: " وقد أشار إلى هذا التحريف الشيخ الفاضل بكر أبو زيد في كتابه القيِّم "تحريف النصوص" (ص 157) في تحريفات أخرى له بيَّنها بلغت ثلاثين تحريفاً، حمله عليها تعصبه الأعمى لمذهبه على أهل السنة أصابتني أنا أحدها. انظر (ص 149) منه"
فلا تعجب من هذا؛ فإن هذا أحد أخلاق العلماء، التي قد يستغلها من كان أعورا، فرحم الله الإمامين الألباني وأبو زيد.
¥