تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[في تهذيب الكمال: (روى عن) = (سمع من)!]

ـ[محمود شعبان]ــــــــ[22 - 10 - 09, 03:54 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

شرط تهذيب الكمال: (روى عن) = (سمع من)

هكذا ألزم الإمامُ مغلطاي في (إكمال تهذيب الكمال) الإمامَ المزيَّ بأن ما قال فيه المزي: (روى عن) وسكت عليه ولم يعقبه بعدم سماعه منه، بل أطلق الرواية عنه؛ أنه نص منه على اتصال روايته عنه. ثم يعارض هذا بأن فلانًا نص على عدم سماعه، فيستدرك على المزي بذلك!

ويتضح ذلك من الأمثلة الآتية، وأنا لم لا أقصد بهذه الأمثلة صحة ما ذهب إليه المزي أو مغلطاي، وإنما فقط عرض المسألة، أما صحة ما ذهب إليه مغلطاي فيما ذهب إليه من السماع أو عدمه، فليس محل البحث الآن، وهذه الأمثلة ليست باستيعاب:

1) أُسيد بن حُضير:

روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا، والمزي أطلق روايته عنه المحمولة عنده على الاتصال وهو غير جيد.

2) أنس بن سيرين:

شعبة عن أنس بن سيرين: رأيت القاسم يتطوع في السفر. فقال: ليس هذا بشئ؛ لم يرو أنس بن سيرين عن القاسم شيئًا. والمزي ذكر روايته عنه المشعرة عنده على ما قال على الاتصال.

3) بُديل بن مَيسرة العقيلي البصري:

ذكره ابن حبان في جملة الثقات من أتباع التابعين، وهو مشعر بعدم صحة روايته عن الصحابة رضي الله عنهم عنده، الذي جزم المزي بروايته عنهم.

4) إسماعيل بن محمد بن سعيد بن أبي وقاص:

زعم البرقي أن سنه تقتضي الرواية عن غير واحد من الصحابة، ولا نعلم له عنهم رواية. فينظر في قول المزي: روى عن أنس الرواية المشعرة عنده بالاتصال.

5) بَشِير بن نَهِيك السدوسي:

روى عن أبي هريرة. الذي ذكره المزي، وهو مشعر عنده بالاتصال، وقد زعم البخاري فيما حكاه الترمذي في العلل أنه لا يرى له سماعًا منه.

6) إبراهيم بن عبد الله بن مَعْبَد بن العباس:

أطلق المزي روايته عن ميمونة، وابن حبان البستي لما ذكره في كتاب الثقات قال: وقد قيل إنه سمع من ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك بصحيح عندنا، ولذلك أدخلناه في أتباع التابعين، وخرج حديثه أيضا في (صحيحه).

ولما ذكر البخاري في تاريخه روايته عن ميمونة من غير تصريح بسماع أتبعه بحديث: نافع عن إبراهيم أن ابن عباس حدثه عن ميمونة قال: ولا يصح فيه ابن عباس.

وليس هذا مخلصًا للمزي؛ لأن البخاري إنما أنكر دخول ابن عباس في هذه الرواية بينهما، لا أن سماعه منها صحيح، ومن علم حجة على من لم يعلم، لا سيما ولم يصرح بسماعه منها أحد علمناه من القدماء المعتمدين، وأكد ذلك ذكره عند ابن سعد في الطبقة الرابعة من المدنيين الذين ليس عندهم إلا صغار الصحابة. انتهى.

وهذه الأمثلة واضحة أن مغلطاي يلزم المزي بذلك، لكن طريقة المزي في (تهذيب الكمال) أن يذكر اسم الراوي ونسبه، ثم يذكر شيوخه الذين روى عنهم في الكتب الستة أو في غيرها، وتلامذته الذين رووا عنه، وكان قصده استيعاب شيوخ صاحب الترجمة واستيعاب الرواة عنه، كما ذكر ذلك ابن حجر في مقدمة كتابه التهذيب، وإذا كان الراوي صاحب الترجمة تُكُلِّم في سماعه من شيخ أو شُك في ذلك، وكذلك رواية التلاميذ عنه؛ ذكر ذلك المزي، إما إشارة، وإما تصريحًا. وما سكت عنه أكثر، ولم ينص في مقدمته أنه يشترط اتصال الرواية فيما سكت عنه، ولو يذكر ذلك ابن حجر، ولا الذهبي في اختصارهما، وإنما فقط هو محاولة استيعاب الرواة عنه.

وهذا أمر مشهور معمول به، فلا تجد أحدًا- فيما أعلم- ينص على سماع راوٍ من راوٍ، بمجرد أن المزي سكت عندما ذكر روايته عنه، ولم يقل: (ولم يسمع منه)، (مرسل)، (إن كان محفوظًا)، (على خلاف فيه)؛ فالعبارتان الأوليان صريحتان في عدم السماع، ومثله: (ولم يدركه)، (ولم يلقه)، والأخيرتان محتملتان، ومثله: (روى عن ابن عمر، وقيل: عن نافع عنه).

إلا ما رقم به المزي برقم البخاري؛ فمَن رقم له برقم البخاري؛ فهو نص على الاتصال؛ لشرط البخاري في ذلك.

ولم أقل: (ومسلم)؛ لأن مسلمًا لا يشترط تحقق السماع، بل يكتفي بالمعاصرة وإمكانية السماع والأمن من التدليس.

هذا هو المشهور فيما أعلم، ولم أجد أحدًا قال بخلافه، و (قولهم: روى عن فلان .. ليست بحتمية في إفادة السماع، بل المتبادر العكس، ولذا تراهم يقولون: روى عن فلان وفلان. وسمع من فلان. على هذا ابن المديني والبخاري وأبو حاتم وجمهور أهل الحديث، فلا عتب على المزي في إطلاقه الرواية، وخاصة أنه ما ألزم نفسه ببيان حقيقة هذه الرواية، وإن كان التزم بيانه في كثير من المواضع، والله أعلم). انتهى من محققي الإكمال.

هذه نتيجة توصلت إليها، وأنتظر من الأخوة الأفاضل الإفادة في الموافقة أو المخالفة؛ لنستفيد جميعًا. والله أعلم.

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[22 - 10 - 09, 04:48 م]ـ

أحسن الله إليك.

ناقش الشيخ د. إبراهيم اللاحم هذه المسألة موسَّعًا في الاتصال والانقطاع (ص51 - 59).

إلا ما رقم به المزي برقم البخاري؛ فمَن رقم له برقم البخاري؛ فهو نص على الاتصال؛ لشرط البخاري في ذلك.

الظاهر أنه لا بد من مراجعة سياق الرواية في صحيح البخاري؛ لأنه ربما أخرجها استشهادًا أو متابعة، فلا يعتمد حينئذ أنه يرى السماع في ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير