[وجوه الترجيح بين أقوال الإمام المتعارضة في الجرح والتعديل]
ـ[حسن بن الشيخ علي وَرْسمه]ــــــــ[16 - 11 - 09, 07:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فإن الدارس لأقوال النقاد في كتب الجرح والتعديل يلاحظ ظاهرةً واضحةً تكاد تشمل معظم الأئمة المكثرين في نقد الرجال، ألا وهي تعدد أقوالهم المختلفة في الراوي الواحد، واختلافهم هذا كاختلاف الفقهاء في الحكم على القضايا الفقهية وتعددها، قال الإمام الترمذي: "وقد اختلف الأئمة من أهل العلم في تضعيف الرجال كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم" ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn1)) وقد يكون هذا الاختلاف من إمام واحد، يقول الذهبي: " ... بل هو في نفسه يوثق الشيخ تارة، ويليّنه تارة، يختلف اجتهاده في الرجل الواحد، فيجيب السائل بحسب ما اجتهد من القول في ذلك الوقت" ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn2)) وهذا الكلام من الحافظ الذهبي وإن قاله بخصوص يحيى بن معين إلا أنه يصحّ في جميع أئمة هذا الشأن، إذ العلة المنصوصة فيه مشتركة بينهم.
الخطوات المتبعة في الأقوال المتعارضة عن الإمام الواحد:
أولاً: التثبت من صحة نسبة القول إلى الإمام:
وذلك لوجود بعض الأقوال المنسوبة إلى الإمام ولا تصح سنداً مثاله: ما جاء في ترجمة كهمس بن الحسن حيث قال الأزدي: قال ابن معين: ضعيف. ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn3))
وروى الدوري ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn4)) و بن أبي خيثمة ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn5)) عن ابن معين أنه قال فيه: " ثقة"
ولا تعارض بين القولين لأن القول الأول لم يصح سنده، ولهذا قال الذهبي:
" لم يسنده الأزدي عن يحيى، فلا عبرة بالقول المنقطع " اهـ. ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn6))
ثانياً: الجمع بين القولين بأن يحمل الجرح في حال، والتعديل في حال آخر للراوي، وله صور ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn7)) :
منها: أن يكون أحد القولين مقيداً، والآخر مطلقاً، مثال ذلك: قول الإمام أحمد في جرير بن حازم: " في حديثه شيء" ([8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn8))
وقال أيضاً: " في بعض حديثه شيء، وليس به بأس" وقال: " كان حافظاً" ([9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn9))
فإطلاق الإمام أحمد أن في حديثه شيئاً، ليس تضعيفاً مطلقاً، ولكن يقصد به أحاديث معينة رواها عن قتادة، كما يوضحه يحيى بن معين عند ما سأله عبد الله ابن أحمد عن جرير بن حازم؟ فقال: " ليس به بأس، فقال عبد الله: إنه يحدث عن قتادة عن أنس أحاديث مناكير؟ فقال: ليس بشيء، هو عن قتادة ضعيف" ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn10))
ومنها: أن يكون أحد القولين نسبياً، قال أبو الوليد الباجي: "قد يُسأل عن الرجل الفاضل في دينه المتوسط حديثه، فيقرن بالضعفاء، فيقال: ما تقول في فلان وفلان؟ فيقول: فلان ثقة، يريد أنه ليس من نمط من قرن به" ([11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn11))
ومثال ذلك: قول محمد بن حاتم الكندي: سألت يحيى بن معين عن خلف البزار؟ فقال:"لم يكن يدري إيش الحديث، إنما كان يبيع البِزْر" وقال فيه أيضاً: "الصدوق الثقة ([12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn12))
ولا خلاف بين القولين فتضعيف ابن معين إنما كان نسبياً، قال الخطيب:" أحسب أن الكندي سأله عن حفاظ الحديث ونقاده فأجابه يحيى بهذا القول، والمحفوظ ما ذكرناه من توثيق يحيى له" ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn13))
¥