تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[09 - 07 - 10, 08:11 م]ـ

وحتى لا نُرْمَى بشهوة النقد! أو أننا متعطشون للعض والرد = فلا بأس من إيراد بعض الأمثلة على هذا الضرب من الإعلالات العليلة! فنقول: من تلك التعليلات:

1 - قول ابن حبان في ترجمة: «أبان بن سفيان المقدسي» من «المجروحين» [1/ 99]: «يروي عن الفضيل بن عياض وثقات أصحاب الحديث أشياء موضوعة! روى عنهم فأكثر، روى عنه محمد بن غالب الأنطاكي، يروي عن الفضيل بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عبد الله بن أبي: «أنه أصيبت ثنيته يوم أحد؛ فأمره رسول الله ? أن يتخذ ثنية من ذهب» وروى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال: «نهى رسول الله ? أن يصلي الإنسان إلى نائم أو متحدث» رواهما عنه محمد بن غالب الأنطاكي» ثم قال ابن حبان: «وهذان الخبران موضوعان! وكيف يأمر المصطفى ? باتخاذ الثنية من ذهب وقد قال: «إن الذهب والحرير محرمان على ذكور أمتي وحل لإناثهم»، وكيف ينهي عن الصلاة إلى النائم وقد كان ? يصلى بالليل وعائشة معترضة بينه وبين القبلة، لا يجوز الاحتجاج بهذا الشيخ والرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص».

قلت: كذا قال! وقد تعقبه الحافظ الذهبي في «الميزان» قائلا: «حكمك عليهما بالوضع بمجرد ما أبديتَ = حكم فيه نظر، لا سيما خبر الثنية». وقال الحافظ في «اللسان»: «أما خبر الثنية: فلم ينفرد به أبان بن سفيان، بل رُويَ من ثلاثة أوجه أخر عن هشام بن عروة»، وقبله قال شيخه ابن النحوي في «البدر المنير» [5/ 574]: «قلت: وَحكمه عَلَى الْوَضع بِمُجَرَّد هَذَا غير جيد، وَقد أخرج هُوَ فِي «صَحِيحه» حَدِيث اتِّخَاذ الْأنف من ذهب، وَأي فرق بَينهمَا؛ وَخص ذَلِك من النَّهْي كَمَا خص لبس الْحَرِير للحكة وَغَيرهَا»

قلت: وكذا حديث النهي عن الصلاة خلف النائم أو المتحدث ورد من طريقين عن ابن عباس، وورد من حديث أبي هريرة أيضًا، وليس ثمة تعارض بين الحديثين حتى يروق للناظر أن يحكم عليهما بالوضع؟ فأما تحريم الذهب على الرجال فهو حكم عام، والترخيص به في الثنية حكم خاص، ولا تضارب بين العام والخاص عند فقهاء الشريعة؟ وقد حرم الله الحرير، ثم جاء الإذن به لعبد الرحمن بن عوف من أجل حكة كانت قد أصابتْه؟ ومثل ذلك النهي عن الصلاة خلف النائم؟ فإن الأحاديث الواردة في ذلك وإن كانت معلولة عند النظر، إلا أنها ليس فيها ما يتعارض مع خبر عائشة في اضطجاعها بين يدي النبي ? وهو قائم يصلي، فإنما كان هذا الفعل منها للضرورة من ضيق البيت آنذاك، ألا ترى أن النبي ? كان إذا سجد غمزها فجمعتْ رجليها، فإذا قام بسطتْهما مرة أخرى؟ فطاش بهذا ما ظنه ابن حبان من التعارض بين الحديثين، ولو أنه كان وقف للتأمل قليلا؛ لما كان أقدم على الجزم بوضع الخبرين جميعًا؟ وإنما أُتيَ من قِبل ما ذكرناه لك سابقًا.

2 - ومن ذلك: حكْمُ ابن الجوزي بوضع حديث: «سدوا كل باب في المسجد إلا باب على»، بدعوى أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث المتفق على صحته: «سدوا الابواب إلا باب أبي بكر»! وقد تعقبه الحافظ في «القول المسدد» [ص/ 16/طبعة مكتبة ابن تيمية]: فقال: «وهذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم، ولا ينبغي الإقدام على الحكم بالوضع إلا عند عدم إمكان الجمع، ولا يلزم من تعذر الجمع في الحال أن لا يمكن بعد ذلك، إذ فوق كل ذي علم عليم، وطريق الورع في مثل هذا: أن لا يحكم على الحديث بالبطلان، بل يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهره له، وهذا الحديث من هذا الباب، هو حديث مشهور له طرق متعددة كل طريق منها على إنفرادها لا تقصر عن رتبة الحسن، ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة كثير من أهل الحديث، وأما كونه معارضا لما في الصحيحين فغير مسلم، ليس بينهما معارضة، وقد ذكر البزار في مسنده أن حديث: «سدوا كل باب في المسجد إلا باب علي» جاء من رواية أهل الكوفة، وأهل المدينة يروون: «إلا باب أبي بكر» قال: فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالمراد بها هذا المعنى، فذكر حديث أبي سعيد الذي سأذكره بعد، قال: على أن روايات أهل الكوفة جاءت من وجوه بأسانيد حسان».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير