تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذكر الباجي في مقدمة كتابه - أن الحديث لا يؤخذ عن أربعة: وذكر المبتدع، والذي يكذب في حديث الناس، ...... ، ومن يوصف بالصلاح، ولكنه ليس من أهل هذا الشأن، وأنت تعلم أن الإمام مالك أدرك من يؤتمن على عظيم المال، ومن إذا استسقى الناس به الغمام لسقوا ولم يرو عنهم، لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن.

الآن نرجع إلى الباجي، فأقول: الباجي لما رأى الإمام مالك - رحمه الله-، وما أدراك ما الإمام مالك، لم يرو عنه في موطئه، نظر في الموانع الأربعة، فلم يجد ما يصح أن يكون سببا في ذلك إلا قلة علمه بهذا الشأن؛ لأن سعد بن إبراهيم ثقة دينا صالحا، لا يصدر عنه الكذب، ولا يكون مبتدعا، أم لعلك تقول بأن الإمام مالك ترك الرواية عن سعد بن إبراهيم من باب الغيرة بلا سبب، فقط لأنه وعظه، أو لأنه تكلم في نسبه؟؟ وطبعا دعوى أنه ليس من أهل هذا الشأن تحتاج دليلا، وسنتكلم عن ذلك لاحقا.

أقول: ولهذا، فالباجي لم يشك في سعد بن إبراهيم أنه ثقة صالح، ولكنه توقف في ضبطه وعلمه بهذا الشأن، ولم يخلط الباجي بين قلة علمه بهذا الشأن وخفة ضبطه كما ادعيت، ولهذا وصفه بأنه لا يبلغ مبلغ الترك، وأنه ليس بمنزلة محمد بن إسحاق وإن كان محمد بن إسحاق أوسع علما. فلو دققت النظر في قول الباجي لعلمت أنه أشار بقوله: لا يبلغ مبلغ الترك إشارة إلى خفة ضبطه، ولو دققت النظر في قوله أن محمد بن إسحاق أوسع علما لوجدت إشارة لما يصلح أن يكون قلة معرفة بهذا الشأن، ولو دققت النظر في قوله أنه يهاب حديثه، لترك الإمام مالك الرواية عنه وكذلك أهل المدينة، - وهنا وقع لك إشكال أخي الشيخ عدلان سنتكلم عنه لاحقا – أقول لو دققت فيه النظر لعلمت ورع الباجي ودقته، حيث أنه لم يحط من قدر سعد بن إبراهيم، وفي ذات الوقت أخذ برأي الإمام مالك فيه، وسلم لمن هو أعلم منه به؛ لأن رد رأي الإمام مالك فيه إجمالا، وهو الثقة الذي لا شك فيه، العالم الذي لا يشك في علمه، يترتب عليه طعن في إمامة مالك ونقده. وهذا قمة الإنصاف من الباجي –رحمه الله تعالى-

رابعا: - الإجابة على إشكالات الشيخ عدلان- وفقه الله-:-

1 - الباجي عقب على قول ابن المديني أن القول بأن الإمام مالك ترك الرواية عنه لأنه طعن في نسبه، بأن هذا قول على ظاهره، بل إن أهل المدينة وعلمائها أيضا تركوا النقل عنه ........... الخ. عقب الشيخ عدلان- وفقه الله- بأن أهل المدينة نقلوا عنه وأن هذا يفند قول الباجي، وذكر بعضا ممن رووا عنه، والجواب، وأن كنا لا نسلم إلا بالرجوع لمن أثبت أنهم رووا عنه، وبالرجوع إلى ما رووا عنه من الأحاديث فالباجي لم يدعي أن لا يوجد نقل لأهل المدينة عنه البتة، بل إنه صرح بوجوده، ولكنه قليل جدا، وهذا يؤيده قول العلماء أنه كان لا يروي بالمدينة. فارجع وتأمل قوله، وإن كنت تدعي كثرة الناقلين عنه فهذا يحتاج إلى دليل، بل إن القول بذلك نقيض قول العلماء فيه، فهل نأخذ بقولك أم بقول العلماء؟؟!!

2 - الباجي يقول بأن العمل لم يكن على ذلك في المدينة .... وقد رد ذلك ابن حجر –رحمه الله- بأنه وارد عنهم، ونقل هذا القول الشيخ عدلان - وفقه الله-، وأورد ما يرد على قول الباجي ..... وقال ما معناه: الحديث لا يحتاج إلى عمل أهل المدينة لإثبات صحته أو قال: الخبر حجة على أهل المدينة وغيرهم، والجواب أن هذه مقالة ظاهرية صرفة سبق القول فيها من ابن حزم – رحمه الله- ولا شك أن هذا تخليط لا شك فيه، وفرية على مذهب مالك – رحمه الله- نبه على ذلك القاضي عياض، وذكر أن القول بأن المالكية لا يصححون الخبر إلا إذا وافقه عمل أهل المدينة صادر عن كذب أو جهل وهذا صحيح، فالمالكية لا يشترطون ذلك، وأما رد الخبر بعمل أهل المدينة فليس على ظاهره، هكذا قولا جزافا، فعمل المدينة على أنواع ثلاثة أو أربعة، والمالكية لا يردون خبر الأحاد إلا بإجماع عمل أهل المدينة الذي محله النقل لا العقل، مثل مسألة الصاع والأذان، والوقف ... الخ، فمثل هذه المسائل بمثابة المتواتر الذي ينقله جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب، أما إجماعهم فيما مجاله العقل فلا حجة فيه، ولا يرد به الحديث فافهم هذا جيدا، وابحث فيه، واقرأ ما قاله الباجي عن ذلك في كتابه إحكام الفصول، وذكر ابن تيمية في مجمع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير