تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في المكتبة الشاملة الإصدار الثالث، وسترى فيها أن أقوال يحيى بن معين في محمد بن إسحاق متباينة تباينا كبيرا، فتارة يوثقة وتارة يضعفه وتارة يصفه بصفة بين هاتين الصفتين، أتدري لماذا؟ إذا أردت أن تعلم، فارجع لما قاله الباجي في مقدمة كتابه التعديل والتجريح الذي نقلت منه القول الذي تناولته بالدراسة، وهذه القاعدة التي ستجدها إن رجعت إلى الكتاب، قاعدة نفيسة يشير إليها العلماء وإلى قائلها الباجي –رحمه الله- بالبنان، ويقولون هذه قاعدة جليلة يلجأ إليها عند اختلاف النقاد في عبارات التعديل والتجريح. فهل تستطيع أن تتبع روايات سعد ابن إبراهيم جميعا، وتنظر إلى أقوال العلماء فيها لتعلم أن توثيقهم له بمنزلة توثيقهم لمحمد بن إسحاق أم لا؟

6 - الباجي أشار إلى قاعدة مهمة، مفادها أن قول الناقد إذا كان من أهل بلد الراوي يقدم على قول غيره، وهذه قاعدة صحيحة، وذلك لقربه منه، ودرايته به، وسعد بن إبراهيم مدني، ومالك أعلم به من غيره .... فيقول الشيخ عدلان – وفقه الله- ما معناه معقبا: هذا قياس مع الفارق، وقال كلمة كبيرة لا تليق، فالجرح مهما بلغ لا يتجاوز بيان سبب الجرح دون غيره من العيوب؛ لا أن يشبه الشيخ عدلان راو من الرواة بالبعر!!!، والله يقول في كتابه: (ولقد كرمنا بني آدم)، ولم أجد أبدا، ولا سمعت أحدا من العلماء استخدم هذا التشبيه البذي، وعلى كل، فلست أظن أن الشيخ عدلان يشكك في دقة مالك وصرامته في التعديل والتجريح، وإلا لكان لنا معه قول آخر، فإذا كان الإمام مالك على جلالة قدره روى على من شبهه الشيخ عدلان بالبعر، وأنا ما كلفت نفسي الرجوع إلى أقوال النقاد فيه لأنظر بما استحق هذا الوصف البذي من الشيخ عدلان، إلا أن مالك مع ذلك حسن القول فيه؛ لأنه لم يكن من أهل بلده، فما بالك إذا كان الراوي ثقة كسعد بن إبراهيم، والناقد دون الإمام مالك صرامة ودقة، فهذا الناقد من باب أولى، أن يخفى عليه أدق صفات هذا الراوي التي اطلع عليها النقاد من أهل بلده كالإمام مالك، وهؤلاء النقاد الذين حسنوا القول فيه، وهذا صحيح من حيث الثقة والصلاح يختلفون عن سعد بن إبراهيم في المكان والزمان، فهم ليسوا أعلم به من الإمام مالك – رحمه الله - ولكن أقول لك قولا عاما، ارجع وحاول أن تدرس سيرة سعد بن إبراهيم بدقة متناهية، خصوصا أنه ولي القضاء، فقد يكون فيه علة من خفة الضبط أو نحوه، وهذا العلة لا يعلمها إلا من هو بمنزلة الإمام مالك –رحمه الله- فعلم العلل من أدق علوم الحديث وأصعبها.

7 - الباجي أشار إلى شيء آخر ينبغي النظر فيه، وهو مسألة طعن سعد بن إبراهيم في نسب الإمام مالك، .... والشيخ عدلان –وفقه الله- بدلا من أن يبحث عن حقيقة هذا الطعن، فقد يكون طعنا يوجب ترك الرواية عن الراوي، وقد بين الباجي أن النقاد تركوا الرواية عن الرواة لأشياء صدرت عنهم، وهي أقل من الطعن في النسب كتطفيف الكيل أو رجحانه كما ذكر الباجي ما حصل من شعبة مع أبي الزبير المكي أقول بدلا من ذلك، أورد ما يثبت أن العلماء لا يأبهون بقول الإمام مالك، وأنه لا يضر سعد بن إبراهيم إن لم يرو عنه مالك، والسؤال الموجه للشيخ عدلان: هل تظن أن أحمد بن حنبل – رحمه الله- أو غيره أعلم من مالك بسعد بن إبراهيم؟ كيف ومالك أشد تحريا، ومع ذلك هو قرينه، وابن عصره، وابن بلدته، اللهم إلا أن تقول إن قول الأقران بعضهم على بعض لا يعتد به، فعندها أقول لك الأمر ليس على إطلاقه، بل قد يكون قول القرين في قرينه أبلغ وأدق من قول غيره فإن قلت ما حصل مع الإمام مالك وسعد بن إبراهيم من قبيل الأول بدليل قول العلماء فيه، قلت لك بل هو من قبيل الثاني والدليل عدم رواية أهل المدينة عنه، وهم أهل بلده، وهذا بدليل قول العلماء أيضا. وأنت الآن إما أن تقول إنه ثقة ضابط من أهل هذا الشأن، وبذلك تطعن في رأي الإمام مالك فيه، وبذلك تكون غير موثق للإمام مالك، وإما أن تقول بأنه ثقة فيه خفة وعدم معرفة بهذا الشأن، وبذلك تكون جمعت بين كل الأقوال، رأي مالك فيه، ورأي العلماء مع حمله على ما قاله الباجي – رحمه الله-. فإن قلت الإمام مالك ترك الرواية عنه فقط، ولم يبين سبب الترك، والتجريح لا يقبل إلا معللا، قلت لك من سلم لك هذا؟ نعم هذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير