ما ستقر عليه القول، وإلا فالأصل أنه ما دام الناقد ثقة، فإنه كما أن التعديل لا يحتاج لبيان سببه، فكذلك لا يجب على الناقد الثقة بين سبب تجريحه للراوي، وإنما استقر الأمر على عدم قبول التجريح إلا معللا؛ لأن بعض النقاد جرحوا الرواة بما لا يكون جرحا، فاشترط العلماء بيان وجه التجريح. وانظر إلى ما قاله الخطيب البغدادي في الكفاية.
8 - وعجيب أن يرد الشيخ عدلان قول الباجي أنه لا خلاف أن أبا الزبير أحفظ من سعد بن إبراهيم، فهل أنت يا شيخ عدلان أعلم من الباجي بالرجال أم ماذا، ولا أدري ما غرك عل قول كل ما قلت، ولعل ذلك قراءتك لأقوال بعض العلماء على فهمك، ويضاف إلى ذلك العجلة وعدم التأني والتدقيق في البحث.
9 - لا فوتني أن أنبه أن قول الشيخ عدلان على الباجي أكثر من مرة: لو كان كذا لصاح به، ويدعي انقطاع الحجة عند الباجي أن يأتي بالدليل على قوله، لا يفوتني أن أنبه أن هذا ناتج عن قلة معرفة بالباجي، فالباجي يا أخي عدلان – وفقك الله- هذا أسلوبه ليس هنا في هذه القضية فحسب، بل في كثير من المسائل، ولو اطلعت على المنتقى لوجدته يتكلم في الجرح والتعديل بكلمات قليلة مختصرة، ولكن إذا أردت تحقيق القول فيها لا حتجت إلى جهد كبير، وهذا – ولا حول ولا قوة إلا بالله- ما دفع بعض الناس للتفوه بأن الباجي ليس له في علم الحديث قدم راسخة، أو أن آثاره في علم الحديث قليلة ولهذا أقول لك أخي عدلان: أنت المطالب بالبحث في هذه الرموز وتحقيقها بكل أمانة علمية، لا أن تنفيها، وتقول لو كان يوجد كذا وكذا لصاح به.
خامسا: النتيجة من وجهة نظري:-
الباجي – رحمه الله- ما قال في سعد بن إبراهيم إلا خيرا، وقد وضعه في المكان الصحيح وأن الشيخ عدلان – وفقه الله- لم يكن عدلا واحدا، فضلا على أن يكون عدلان، وأن الباجي كثيرا ما يساء فهم كلامه، ومن ذلك قوله هذا في سعد ابن إبراهيم وغير ذلك من القضايا اذكر منها:-
1 - دخوله على أمراء الأندلس، وقبوله هداياهم، أتهم لأجل ذلك، وكان غرضه الإصلاح وجمع شمل الأمة.
2 - قوله أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – كتب في صلح الحديبية، اتهموه بأنه مكذب لظاهر القرءان وكادوا يكفرونه وخطبوا به على المنابر، وقد صحح بعد ذلك العلماء قوله ومنهم ابن تيمية والذهبي ...
3 - قوله في الاجماع على جواز الرواية بالإجازة، انتقد ذلك ابن الصلاح، ونظم ذلك السيوطي، انظر فتح المغيث، وكان الصواب مع الباجي، انظر فتح المغيت والنكت على مقدمة ابن الصلاح
4 - نقل ابن حجر بأن الباجي ضعف سعد بن إبراهيم لروايته للحديث القراءة في صلاة فجر يوم الجمعة، ولو تأملت قول الباجي لوجدت العكس فهو لم يضعف سعد بن إبراهيم لروايته هذا الحديث، وإنما توقف في الحديث وهابه لرواية سعد بن إبراهيم له.
5 - نقل ابن حجر وابن تيمية أن الباجي ضعف حديث البخاري أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال عن الحسن: إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به ..... ، والمتأمل في قول الباجي في كتابه لا يجده الباجي ضعف الحديث أصلا، وإنما تكلم عن اختلاف العلماء في سماع مخصوص ونقل القولين ولم يتبنى أحدا منهما والله أعلم.
سادسا: من الناحية الفقهية:-
أخي العزيز الشيخ عدلان، لا تنس الناحية الفقهية، فهي بيت القصيد، ومن الشقاء أن يُعلم العلم للعلم لا للعمل، وقد لا يخفى عليك اختلاف الفقهاء في القراءة في صلاة الفجر فقول يقول بالكراهة ينسب للمالكية، وهو غير مسلم، وقول يقول بعدم تخصيص صلاة فجر يوم الجمعة بهذين السورتين دون غيرهما، وهذا قول الحنفية وأرجو أن يكون قول الإمام مالك لأن للأمام مالك في التخصيص بحد ذاته قولا، وقول يقول بسنية المواظبة على قراءة السجدة والإنسان فجر يوم الجمعة وهو قول الشافعية والحنابلة، وعمدتهم هذا الحديث المتفق عليه.
ويا أخي بالنسبة للعمل عندنا في ليبيا، فنحن نعمل بالحديث، ولا نواظب علي ذلك كل جمعة؛ لأن التخصيص في ذاته للإمام فيه قول نفيس ينبغي النظر فيه جيدا. ونحن نعمل بهذا الحديث لأنه كما قلت، هو حديث في فضائل الأعمال، أضف إلى ذلك أنه متفق عليه وللصحيحين هيبتهما التي لا يمكن تجاهلها كما بين ذلك الذهبي في قوله لولا مهابة الصحيح ..... ، أضف على ذلك قول الشافعية والحنابلة به، ولأقوال العلماء اعتبار لا يمكن تجاهله فحتى لو لم يكن عمل أهل المدينة عليه، فإنا لانترك مثل هذا الحديث، وفي ذات الوقت لا نطعن في رأي الإمام مالك، ولا في رأي الباجي أيضا، بل نحمل ذلك على مذهب الإمام مالك الدقيق والصارم في النقد، وغيره يقول غير قوله، وكل مجتهد ومأجور، رحم الله من أصاب منهم ومن أخطأ وألحقنا بهم في زمرة الصالحين، هذا والله أعلم وأحكم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
From Mail: [email protected]
¥