تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثالث: قولهما: ((وإنما قال المصنف: ((يهم)) لوهمه في إسناد حديث واحد فتعقبه الزيلعيُّ، وأصاب))؛ من المضحك المبكي، فأين تَعَقَّبَ الزيلعيُّ ابنَ حجر؟؟ هل في حياة البرزخ؟ فالزيلعيُّ مات سنة (762 هـ) وابن حجر ولد (773 هـ). وهذا من الأوهام الكثيرة التي وقعت في الكتاب بسبب السرعة وعدم الضبط لأجل الاستدراك على الحافظ.

والحديث الذي أشارا إليه، هو ما رواه حاجب بن سليمان قال: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ((قَبَّلَ رسول الله ? بعض نسائه، ثم صلى، ولم يتوضأ، ثم ضحكت)) أخرجه الإمام الدارقطني (1/ 136 حديث 9)، وقال عقيبه: ((تفرد به حاجب، عن وكيع، ووهم فيه، والصواب عن وكيع بهذا الإسناد، أن النبي ?: ((كان يقبل وهو صائم))، وحاجب لم يكن له كتاب، إنما كان يحدث من حفظه)).

والزيلعيّ تعقب الدار قطني، ولكنه تعقبه كي يرفع الضعف الكامل عن حاجب لا الوهم إذ أنه أثبت له الوهم فقال: ((ولقائلٍ أن يقول: هو تفرد ثقة. وتحديثه من حفظه إن كان أوجب كثرة خطأه بحيث يجب ترك حديثه، فلا يكون ثقة، ولكن النسائي وثقه، وإن لم يوجب خروجه عن الثقة، فلعله لم يَهم وكان لنسبته إلى الوهم؛ بسبب مخالفة الأكثرين له)). (نصب الراية 1/ 75).

فالزيلعي أثبت له الوهم. فهل يصح أن يقال: ((فتعقبه الزيلعي وأصاب))؟!

الرابع: لقد قصرا وهم هذا الراوي في هذا الحديث السابق فقط. وهو قول ملئٌ بالمجازفات فقد قال مسلمة بن قاسم: ((روى عن عبد المجيد بن أبي رواد وغيره أحاديث منكرة، وهو صالح يكتب حديثه)) (تهذيب التهذيب 2/ 133).

الخامس: قولهما: ((ولم نجد له ذكراً في كتب الضعفاء)).

فقلنا هذا باطل قطعاً؛ فقد ذكره الذهبي في الميزان (1/ 429 الترجمة 1604).

إذن فالحافظ ابن حجر لا يحكم على الراوي اعتباطاً، بل يقارن ويوازن ويجمع أقوال الأئمة بحيث يكون حكمه على الراوي شاملاً لجميع أقوال النقاد المعتبرة فيستفيد الباحث ويتنبه إلى أوهام الراوي ليتقيها أو تنفعه عند المعارضة والترجيح فيرجح من لا وهم له على من عنده وهم، ولذا نجد الدارقطني قد صحح لحاجب في سننهِ (2/ 186 حديث 30) مما يجعلنا نكسب الثقة التامة بعلمائنا الأوائل، وأن علم الجرح والتعديل لأولئك الرجال الكبار.

ـ[ماهر]ــــــــ[01 - 09 - 02, 03:17 م]ـ

185 – (873 تحرير) جابر بن عَمرو، أبو الوازع الرَّاسِبيُّ: صدوقٌ يَهِمُ من الثالثة. بخ م ت ق.

تعقباه بقولهما: ((بل: ضعيفٌ يعتبر به، فقد اختلف فيه قولُ يحيى بن معين، إذ روى الدوري، وأحمد بن أبي يحيى عنه أنه قال: ليس بشيء. وقال فيه إسحاق بن منصور عنه: ثقة، ولعل رواية الدوري أرجح وقال النسائي: منكر الحديث. ووثقه أحمد بن حنبل. وروى له مسلم حديثين:

الأول: في فضل أهل عُمان (2544). والثاني: في الأدب (2618) فلم يخرَّج له في الأحكام. وأخرج له الترمذي حديثاً واحداً في الزهد (2350)، وقال: ((حسن غريب)).

? قلنا: هذا تعقيب غير سديد، و تُستدرك عليهما فيه عدة أمور:

الأول: إنهما أهملا أقوالاً أخرى في تقوية الراوي. فقد وثقه ابن حبان (6/ 129) وصحح له (541) و (2922) وقال ابن عدي: ((ما أعرف له كثير رواية وإنما يروى عنه قوم معدودون وأرجو أنه لا بأس به)) (الكامل 2/ 337 طبعة أبي سنة، وتهذيب التهذيب 2/ 44). وقال الذهبي في الكاشف (1/ 287 الترجمة 735): ((ثقة)).

الثاني: جعلا توثيق يحيى بن معين من رواية إسحاق بن منصور حسب والصحيح أن إسحاق بن منصور لم يتفرد بهذا النقل عن يحيى بن معين بل تابعه عليه يحيى بن أبي مريم كما رواه ابن عدي في كامله (2/ 337 طبعة أبي سنة).

الثالث: رجحا رواية الدوري على رواية إسحاق – وهي التي وافقتها رواية ابن أبي مريم – ولا داعي لذلك؛ إذ لا منافاة بين الروايتين كما يأتي في الوجه الآخر.

الرابع: ‍‍‍ عَدّا لفظة يحيى بن معين: ((ليس بشيء)) لفظة تضعيف، وهذا من أعجب الخطأ، فقد عُرف بالاستقراء أنه يُطلق هذه اللفظة على من كانت أحاديثه قليلة كما في الرفع والتكميل (ص 213 الإيقاظ: 8) والحال هنا هكذا كما صرح به ابن عدي (1)، وليس له في الكتب الستة سوى ثلاثة أحاديث. والأعجب والأدهى: أن المحررين يعلمان بهذا إذ قالا في مقدمتهما (1/ 41): ((قول ابن معين في الراوي: ((ليس بشيءٍ)) يعني: أن أحاديثه قليلة)).

الخامس: إن هذا الراوي من رجال مسلم و قد أخرج له في الأصول، وليس في المتابعات والشواهد، فتضعيف من حاله هكذا مجازفة و منازعة لصاحب الصحيح.

السادس: هذا الراوي ليس له في ابن ماجه سوى حديث واحد برقم (3681) قال عنه الدكتور بشار: ((إسناده صحيح، ورجاله ثقات))، هكذا قال فخالف فعله هذا، قوله في التحرير، فتناقض!!

السابع: فلم يبق لهما سوى قول النسائي: ((منكر الحديث))، و ((منكر الحديث)) يطلق على الضعيف إذا خالف الثقات، وهذا الراوي له ثلاثة أحاديث لم يخالف فيها، بل: صُحِّحَت، وقد حسن الترمذي واحداً منها، لهذا يحمل قول النسائي: منكر الحديث، على تفرد الثقة، كما هو مذهب جماعة من أهل الحديث (أنظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 72).

وأخيراً نقول: رجلٌ وثقه ابن معين، وأحمد بن حنبل، وأخرج له مسلم في الأصول من صحيحه، ووثقه ابن حبان وصحح له، وحسَّن له الترمذي ووثقه الذهبي، وليس له إلا النزر اليسير من الحديث، ولم يخطئ أو يخالف فيه، كيف يُضَعَّف؟!

فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير